فأجاب إِبليس بعد أن كان غارقاً في بحر الغرور المظلم، وتائهاً في حب النفس المقتم، وبعد أن غطى حجاب الخسران عقله... أجاب بوقاحة (قال لم أكن لا سجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون)... فأين النّار المضيئة من التراب الأسود المتعفن!! وهل لموجود شريف مثلي أن يتواضع ويخضع لموجود أدنى منه!! أيُّ قانون هذا؟!!
... ونتيجةً للغرور وحب النفس، فقد جهل أسرار الخليقة، ونسي بركات التراب الذي هو منبع كل خير وبركة، والأهم من ذلك كله... فقد تجاهل شرافة تلك الروح التي أودعها الرّب في آدم... وكنتيجة طبيعية لهذا السلوك المنحرف فقد هوى من ذلك المقام المرموق بعد أن أصبح غير لائق لأن يكون في درجة الملائكة وبين صفوفهم، فجاء الأمر الإِلهي مقرعاً.
﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ لأنه جسماني وأنا روحاني عارض النص بالقياس الباطل.