ويقول القرآن عنهم: (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين)!!
ولكنْ أين تقع هذه البلدة؟
يذكر بعض المفسّرين والمؤرخين: أنّها كانت على طريق القوافل بين المدينة والشام في منزل يسمى (وادي القرى) في جنوب (تيماء) ولا أثر لها اليوم - تقريباً.
ويذكرون أنّها كانت إِحدى المدن التجارية في الجزيرة العربية، ولها من الأهمية بحيث ذكرها (بطليموس) في مذكراته لكونها إِحدى المدن التجارية.
وكذلك ذكرها العالم الجغرافي (بلين) باسم (حجرى).
ونستشف من بعض الرّوايات أنّ الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قاد جيشاً لدفع جيش الروم في السنة التاسعة للهجرة، أراد الجنود أن يتوقفوا في هذا المكان، فمنعهم النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: هنا نزل عذاب اللّه على قوم ثمود(2).
ومن الجدير ذكره أنّ القرآن الكريم ذكر مسألة تكذيب الأنبياء في خبر أصحاب الحجر (وكذلك قوم نوح وقوم شعيب وقوم لوط في الآيات (105 و123 و160) من سورة الشعراء) بالإِضافة إلى أقوام أُخر كذبت الأنبياء(عليهم السلام)، والواضح من خلال ظاهر القصص أن لكل قوم كان نبيٌّ واحد لا أكثر.
ولعل مجيء هذا التعبير في هذه الآية (المرسلين)، باعتبار أنّ الأنبياء لهم برنامج واحد وهدف واحد، وبينهم من درجة من الصلة بحيث أن تكذيب أيّ منهم هو تكذيب للجميع.
واحتمل آخرون وجود أكثر من نبي وسط الأُمّة الواحدة، وذكر اسم أحدهم لأنّه أكثر شهرة.
وكما يبدو فإِنّ التّفسير الأوّل أقرب إِلى الصواب منه إِلى الثّاني.
ويستمر القرآن بالحديث عن "أصحاب الحجر": (وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين) وموقف الأعراض المشار إِليه - كما يبدو - هو عدم استعدادهم لسماع الآيات والتفكر بها.
وتشير الآية إِلى أنّهم كانوا من الجد والدقّة في أُمور معاشهم وحياتهم الدنيوية حتى أنّهم (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين).
وهو ما يبيّن لنا أنّ منطقتهم كانت جبلية، بالإِضافة إِلى ما توصلوا إِليه من مدنية متقدمة، حيث أصبحوا يبنون بيوتهم داخل الجبال ليأمنوا من السيول والعواصف والزلازل.
والعجيب من أمر الإِنسان، أنّه يحزم أمره لتجهيز وتحصين مستلزمات حياته الفانية، ولا يعير أيَّ اهتمام لحياته الباقية، حتى يصل به المآل لأنْ لا يكلف نفسه بسماع آيات اللّه والتفكر بها!!!!.
﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ﴾ واد بين المدينة والشام وهم ثمود كانوا يسكنونه ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ لأن تكذيبهم صالحا تكذيب لسائر الرسل لمجيء الكل بالتوحيد.