التّفسير
أتى أمْرُ اللَّهِ:
ذكرنا سابقاً أن قسماً مهمّاً من الآيات التي جاءت في أوّل السورة هي آيات مكّية نزلت حينما كان النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يخوض صراعاً مشتداً مع المشركين وعبدة الأصنام، وما يمر يوم حتى يطلع أعداء الرسالة بمواجهة جديدة ضد الدعوة الإِسلامية المباركة، لأنّها تريد بناء صرح الحرية، بل كل الحياة من جديد.
ومن جملة مواجهاتهم اليائسة قولهم للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حينما يهددهم وينذرهم بعذاب اللّه: إِنْ كان ذلك حقاً فَلِمَ لا يحل العذاب والعقاب بنا إِذن؟!!
ولعلهم يضيفون: وحتى لو نزل العذاب فسنلتجيء إِلى الأصنام لتشفع لنا عند اللّه في رفع العذاب... وَلِمَ لا يكون ذلك، أَوَ لسن شفيعات؟!!
... وأوّل آية من السورة تُبطل أوهام أُولئك بقوله تعالى: (أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه)، وإِنْ اعتقدتم أنّ الأصنام شافعة لكم عند اللّه فقد أخطأتم الظن (سبحانه وتعالى عمّا يشركون).
فـ "أمر اللّه" هنا: أمر العذاب للمشركين، أمّا الفعل "أتى" فالمراد منه المستقبل الحتمي الوقوع على الرّغم من وقوعه بصيغة الماضي، ومثل هذا كثير في الأسلوب البلاغي للقرآن.
واحتمل بعض المفسّرين أنَّ "أمر اللّه" إِشارة إِلى نفس العذاب وليس الأمر به.
واحتمل بعض آخر أنّ المراد به يوم القيامة.
ويبدو لنا أنّ التّفسير الذي ذكرناه أقرب من غيره، واللّه العالم.
﴿أَتَى أَمْرُ اللّهِ﴾ الموعود به وهو يوم القيامة وعبر بالماضي لتحققه ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ قبل وقته ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ تنزه عن إشراكهم به.