ثمّ يشير تعالى في الآية التي تليها إِلى إحدى المنافع المهمّة الأُخرى فيقول: (وتحمل أثقالكم إِلى بلد لم تكونوا بالغيه إِلاَّ بشق الأنفس) وهذا مظهر من مظاهر رحمة الله عزَّوجلّ ورأفته حيث سخر لنا هذه الحيوانات مع ما تملك من قدرة وقوّة (إِنّ ربّكم لرؤوف رحيم).
"الشق": (من مادة المشقة)، ولكنّ بعض المفسّرين احتمل أنّها بمعنى الشق والقطع، أيْ أنّكم لا تستطيعون حمل هذه الأثقال وإِيصالها إِلى مقاصدكم إِلاّ بعد أنْ تخسروا نصف قوتكم.
ويبدو أنّ التّفسير الأوّل أقرب من الثّاني.
فالأنعام إِذَنْ: تعطي للإِنسان ما يلبسه ويدفع عنه الحر والبرد.
وكذلك تعطيه الألبان واللحوم ليتقوت بها.
وتترك في نفس الإِنسان آثاراً نفسية طيبة.
وأخيراً تحمل أثقاله.
وبالرغم ممّا وصل إِليه التقدم التقني في مدنية الإِنسان وتهيئة وسائل النقل الحديثة، إِلاّ أن سلوك كثير من الطرق لا زال منحصراً بالدواب
﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ أحمالكم ﴿إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ﴾ بأنفسكم فضلا عن أثقالكم ﴿إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ بكم حيث أنعم بها.