وفي الآية التالية يعود إِلى الجانب المادي بما يثير حسّ الشكر للمنعم عند الناس، ويوقد نار عشق اللّه في قلوبهم بدعوتهم للتقرب أكثر وأكثر لمعرفة المنعم الحق، فيقول: (هو الذي أنزل من السماء ماء) ماء فيه سبب الحياة، وزلالا شفافاً خال من أيِّ تلوّث (لكم منه شراب)، وتخرج به النباتات والأشجار فترعى أنعامكم (ومنه شجر فيه تسيمون).
"تسيمون": (من مادة الإِسامة) بمعنى رعي الحيوانات، وكما هو معلوم فإِنّ الحيوانات تستفيد من النباتات الأرضية وورق الأشجار، و"الشجر" لغةً: ذو معنى واسع يشمل إِطلاقه الأشجار وغيرها من النباتات.
وممّا لا شك فيه أيضاً أنّ ماء المطر لا تقتصر فائدته لشرب الإِنسان وإِرواء النباتات، بل ومن فوائده أيضاً: تطهير الأرض، تصفية الهواء، إِيجاد الرطوبة اللازمة لطراوة جلد الإِنسان وتنفسه براحة، وما شابه ذلك... فالمذكور من فوائده في هذه الآية لا حصراً وإِنّما من باب الأهم.
﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ﴾ ما تشربونه ﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ﴾ ينبت بسببه ﴿فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ ترعون أنعامكم.