ثمّ يوضح القرآن أدلة توحيد العبادة بأربعة بيانات ضمن ثلاث آيات ... فيقول أوّلاً (وله ما في السموات والأرض) فهل ينبغي السجود للأصنام التي لا تملك شيئاً، أم لمن له ما في السماوات والأرض؟
ثمّ يضيف: (وله الدين واصباً).
فعندما يثبت أن عالم الوجود منه، وهو الذي أوجد جميع قوانينه التكوينية فينبغي أن تكون القوانين التشريعية من وضعه أيضاً، ولا تكون طاعة إِلاّ له سبحانه.
"واصب": من "الوصوب"، بمعنى الدوام.
وفسّرها البعض بمعنى (الخالص) (ومن الطبيعي أن ما لم يكن خالصاً لم يكن له الدوام.
أما الذين اعتبروا "الدين" هنا بمعنى الطاعة، فقد فسّروا "واصباً" بمعنى الواجب، أيْ: يجب إِطاعة اللّه فقط.
ونقرأ في رواية عن الإِمام الصادق(عليه السلام) أنّ شخصاً سأله عن قول اللّه (وله الدين واصباً) قال: "واجباً"(1).
والواضح أنّ هذه المعاني متلازمة جميعها.
ثمّ يقول في نهاية الآية: (أفغير اللّه تتقون).
فهل يمكن للأصنام أن تصدَّ عنكم المكروه أو أن تفيض عليكم نعمة حتى تتقوها وتواظبوا على عبادتها؟!!
﴿وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ملكا وخلقا ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ﴾ حال عاملها له أي له الطاعة دائمة أو الجزاء دائما أي الثواب والعقاب ﴿أفغير الله تتقون﴾ تخشون ولا يقدر على النفع والضر غيره.