لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير (وأوحى ربّك إِلى النحل)!! انتقل الأسلوب القرآني بهاتين الآيتين من عرض النعم الإِلهية المختلفة وبيان أسرار الخليقة إِلى الحديث عن "النحل" وما يدره من منتوج (العسل) ورمز إِلى ذلك الالهام الخفي بالوحي الإِلهي إِلى النحل: (أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر وممّا يعرشون). وفي الآية المباركة جملة تعبيرات تستدعي التوقف والدقّة: 1 - ما هو "الوحي" "الوحي" في الإصل (كما يقول الراغب في مفرداته) بمعنى الإِشارة السريعة، ثمّ بمعنى الالقاء الخفى. وقد جاءت كلمة "الوحي" في القرآن الكريم لترمز إِلى عدّة أشياء، ولكنّها بالنتيجة تعود لذلك المعنى، منها: وحي النّبوة: حيث نلاحظ وروده في القرآن بهذا المعنى كثيراً. كما في الآية (51) من سورة الشورى: (وما كان لبشر أن يكلّمه اللّه إلاّ وحياً...). ومنها: الوحي بمعنى "الإِلهام" سواء كان الملُهَم منتبهاً لذلك (كما في الإِنسان (وأوحينا إِلى أم موسى أن أرضعيه فإِذا خفت عليه فألقيه في اليم)(1)، أو مع عدم انتباه المُلهم كالإِلهام الغريزي (كما في النحل) وهو ما ورد في الآية مورد البحث. ومن المعروف أنّ الوحي في هذا المورد يعني الأمر الغريزي والباعث الباطني الذي أودعه اللّه في الكائنات الحيّة. ومنها: أنّ الوحي بمعنى الإِشارة، كما ورد في قصّة زكريا في الآية (11) من سورة مريم (فأوحى إِليهم أن سبحوا بكرة وعشياً). ومنها أيضاً: إِيصال الرسالة بشكل خفي، كما في الآيه (112) من سورة الأنعام (يوحي بعضهم إِلى بعض زخرف القول غروراً). 2 - هل يختص الإِلهام الغريزي بالنحل؟ وإِذا كان وجود الغرائز (الإِلهام الغريزي) غير منحصر بالنحل دون جميع الحيوانات، فلماذا ورد ذكره في الآية في النحل خاصّة؟ والإِجابة على السؤال تتّضح من خلال المقدمة التالية: إِنّ الدراسة الدقيقة التي قام بها العلماء بخصوص حياة النحل، قد أثبتت أنّ هذه الحشرة العجيبة لها من التمدن والحياة الإِجتماعية المدهشة ما يشبه لحد كبير الجانب التمدني عند الإِنسان وحياته الإِجتماعية، من عدّة جهات. وقد توصل العلماء اليوم لاكتشاف الكثير من أسرار حياة هذه الحشرة والتي أوصلتهم بقناعة تامة إِلى توحيد الخالق والإِذعان لربوبيته سبحانه وتعالى. وأشار القرآن الكريم إِلى ذلك الإِعجاز بكلمة "الوحي" ليبيّن أنّ حياة النحل لا تقاس بحياة الأنعام، وليدفعنا للتعمق في عالم أسرار هذه الحشرة العجيبة، ولنتعرف من خلالها على عظمة وقدرة خالقها، ولعل "الوحي" هو التعبير الرمزي الذي اختصت به هذه الآية نسبة إِلى الآيات السابقة. 3 - المهمّة الأُولى في حياة النحل: وأوّل مهمّة أمر بها النحل في هذه الآية هي: بناء البيت، ولعل ذلك إِشارة إِلى أن اتّخاذ المسكن المناسب بمثابة الشرط الأوّل للحياة، ومن ثمّ القيام ببقية الفعاليات، أو لعله إِشارة إِلى ما في بيوت النحل من دقة ومتانة، حيث أن بناء البيوت الشمعية والسداسية الأضلاع، والتي كانت منذ ملايين السنين وفي أماكن متعددة ومختلفة، قد يكون أعجب حتى من عمليه صنع العسل(2). فكيف تضع هذه المادة الشمعيه الخاصة؟ وكيف تبني الخلايا السداسية بتلك الهندسة الدقيقة؟ وبيوت النحل ذات هيئة وأبعاد محسوبة بدقة فائقة وذات زوايا متساوية تماماً، ومواصفاتها تخلو من أية زيادة أو نقصان... فقد اقتضت الحكمة الربانية من جعل بيوت النحل في أفضل صورة وأحسن اختيار وأحكم طبيعة، وسبحان اللّه خالق كل شيء. 4 - اين مكان النحل: وقد عيّنت الآية المباركة مكان بناء الخلايا في الجبال، وبين الصخور وانعطافاتها المناسبة، وبين أغصان الإشجار، وأحياناً في البيوت التي يصنعها لها الإِنسان. ويستفاد من تعبير الآية أن خلايا النحل يجب أن تكون في نقطة مرتفعة من الجبل أو الشجرة أو البيوت الصناعية ليستفاد منها بشكل أحسن. ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ ألهمها ﴿أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾ يأوين إليها للتعسيل ﴿وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ يرفعون من سقف وكرم والبعضية لأنها لا تبني بكل جبل وشجر وما يعرش بل فيما يوافقها من ذلك.