وبهذا المقدار من الآيات كان الحديث منصباً حول انحراف المشركين الضالين وغرقهم في درك الشرك، دون أن يدعوا الآخرين إِلى ما هم فيه... وبعد ذلك ينتقل القرآن الكريم إِلى الكافرين من الذين لم يكتفوا بأن يكونوا كافرين، وإِنّما كانوا يبذلون أقصى جهودهم لإِضلال الآخرين!! فيقول: (الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون).
فهم شركاء في جرم الآخرين إِضافة لما عليهم من تبعات أعمالهم، لأنّهم كانوا عاملا مؤثراً للفساد على الأرض وإِضلال خلق اللّه بالصد عن سبيله.
وذكرنا مراراً وانطلاقاً من منطق الإِجتماع الإِسلامي أنّ مَنْ يسن سنّة (حسنة أم سيئة) فهو شريك العاملين بها ثواباً أو عقاباً، والحديث المشهور يبيّن لنا هذا المعنى بوضوح: "مَنْ استن بسنّة عدل فاتبع كان له أجر مَنْ عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء ومَنْ استن سنّة جور فاتبع كان عليه مثل وزر مَنْ عمل بها من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء".
وعلى أيّةُ حال، فالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة توضح مسؤولية الرؤساء والموجهين أمام اللّه وأمام الناس.
﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ﴾ الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللّهِ﴾ دينه ﴿زِدْنَاهُمْ عَذَابًا﴾ لصدهم ﴿فَوْقَ الْعَذَابِ﴾ لكفرهم ﴿بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ﴾ بإفسادهم بالصد.