لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
ثانياً: الآية التي بعدها تشير إِلى ذنب عظيم آخر هو الزنا (ولا تقربوا الزنا إِنَّهُ كان فاحشة وساءَ سبيلا) وفي هذا التعبير القرآني تمت الإِشارة إِلى ثلاث نقاط: ألف - لم تقل الآية: لا تزنوا، بل قالت: لا تقربوا هذا العمل الشائن، وهذا الأُسلوب في النهي فضلا عمّا يحملهُ مِن تأكيد، فإِنَّهُ يوضح أنَّ هناك مقدمات تجر إِلى الزنا ينبغي تجنبها وعدم مقاربتها، فخيانة العين تعتبر واحدة مِن المقدمات، والسفور والتعري مقدمة أُخرى، الكتب السيئة والأفلام الملوّثة والمجلات الفاسدة ومراكز الفساد كل واحدة مِنها تعتبر مقدمة لِهذا العمل. كذلك فإِنَّ الخلوة بالأجنبية (يعني خلوة المرأة والرجل الأجنبي عليها في مكان واحد ولوحدهما) يعتبر عاملا في إِثارة الشهوة. وأخيراً فإِنَّ امتناع الشباب عن الزواج خاصة مع ملاحظة الصعوبات الموضوعة أمام الطرفين، هي مِن العوامل التي قد تؤدي إِلى الزنا. والآية نهت عن كل ذلك بشكل بليغ مُختصر، ولكنّا نرى في الأحاديث والرّوايات نهياً مُفصلا عن كل واحدة مِن هذه المقدمات. ب - إِنَّ جملة (إِنَّه كان فاحشة) بتأكيداتها الثلاثة المستفادة مِن "إِن" والفعل الماضي "كان" وكلمة "فاحشة" تكشف عن فظاعة هذا الذنب. ج - إِنَّ جملة (ساء سبيلا) توضح حقيقة أنَّ هذا العمل "الزنا" يؤدي إِلى مفاسد أُخرى في المجتمع. فلسفة تحريم الزنا: يمكن الإِشارة إِلى خمسة عوامل في فلسفة تحريم الزنا، وهي: 1 - شياع حالة الفوضى في النظام العائلي، وانقطاع العلاقة بين الأبناء والآباء، هذه الرابطة التي تختص بكونها سبباً للتعارف الإِجتماعي، بل إنّها تكون سبباً لصيانة الأبناء، ووضع أُسس المحبّة الدائمة في مراحل العمر المختلفة، والتي هي ضمانة الحفاظ على الأبناء. إِنَّ العلاقات الإِجتماعية القائمة فى أساس العلاقات العائلية ستتعرض للانهيار والتصدّع إِذا شاع وجود الابناء غير الشرعيين "أبناء الزنا"، وللمرء أن يتصّور مصير الأبناء فيما إِذا كانوا ثمرّة للزنا، ومقدار العناء الذي يتحملونه في حياتهم مِن لحظة الولادة وحتى الكبر. وعلاوة على ذلك، فإِنّهم سيحرمون من الحبّ الأُسري الذي يعتبر عاملا في الحدّ الجريمة من في المجتمع الإِسلامي، وحينئذ يتحول المجمتع الإِنساني بالزنا إِلى مجتمع حيواني تغزوه الجريمة والقساوة من كل جانب. 2 - إِنَّ إِشاعة الزنا في جماعة ما، ستقود إلى سلسلة واسعة مِن الإِنحرافات أساسها التصرفات الفردية والإِجتماعية المنحرفة لذوي الشهوات الجامحة. وما ذكر في هذا الصدد من القصص عن الجرائم والإِنحرافات المنبعثة عن مراكز الفحشاء والزنا في المجتمعات يوضح هذه الحقيقة، وهي أنّ الانحرافات الجنسية تقترن عادة بأبشع الوان الجرائم والجنايات. 3 - لقد أثبت العلم ودلَّت التجارب على أنَّ إِشاعة الزنا سبب لكثير مِن الأمراض والمآسي الصحية وكل المعطيات تشير إِلى فشل مُكافحة هذه الأمراض مِن دون مُكافحة الزنا أصلا. (يمكن أن تلاحظ موجات مرض الإِيدز في المجتمعات المعاصرة، ونتائجها الصحية والنفسية المدمِّرة). 4 - إِنَّ شياع الزنا غالباً ما يؤدي إِلى محاولة إِسقاط الجنين وقطع النسل، لأنَّ مِثل هؤلاء النساء "الزانيات" لا يرضين بتربية الأطفال، وعادة ما يكون الطفل عائقاً كبيراً أمام الإِنطلاق في ممارسة هذه الأعمال المنحرفة، لذلك فهن يُحاولن إِسقاط الجنين وقطع النسل. أمّا النظرية التي تقول، بأنَّ الدولة يمكنها - من خلال مؤسسات خاصّة - جمع الأولاد غير الشرعيين وتربيتهم والعناية بهم، فإِنَّ التجارب أثبتت فشل هذه المؤسسات في تأدية أهدافها، إِذ هناك صعوبات التربية، وهناك النظرة الإِجتماعية لهؤلاء، ثمّ هناك ضغوطات العزلة والوحدة وفقدان محبّة الوالدين وعطفهما، كل هذه العوامل تؤدي إِلى تحويل هذه الطبقة مِن الأولاد الى قساة وجناة وفاقدي الشخصية. 5 - يجب أن لا ننسى أنَّ هدف الزواج ليس إِشباع الغريزة الجنسية وحسب، بل المشاركة في تأسيس الحياة على أساس تحقيق الإِستقرار الفكري والأنس الروحي للزوجين. وأمّا تربية الأبناء والتعامل مع قضايا الحياة، فهي آثار طبيعية للزواج، وكل هذه الأُمور لا يمكن لها أن تثمر مِن دون أن تختص المرأة بالرجل وقطع دابر الزنا وأشكال المشاعية الجنسية. في حديث عن الإِمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) يقول: سمعت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: "في الزنا ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة. فأمّا اللاتي في الدنيا، فيذهب بنور الوجه، ويقطع الرزق، ويسرع الفناء. وأمّا اللّواتي في الآخرة، فغضب الرب، وسوء الحساب، والدخول في النّار، أو الخلود في النّار"(1). ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى﴾ نهى عن قربه مبالغة في النهي عنه ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ ظاهر القبح ﴿وَسَاء سَبِيلاً﴾ وبئس طريقا.