التّفسير
بعد أنَّ تحدثت الآيات السابقة مَع المشركين في قضايا التوحيد والمعاد، تبدأ أوّل آية من هَذِهِ الآيات بكلام على شكل نصيحة لِتوعيتهم، حيثُ تُجسّم هَذِهِ الآية النهائية الفانية لِهَذِهِ الدنيا أمام عقولهم حتى يعرفوا أنَّ هَذِهِ الدنيا دار زوال وأنَّ البقاء الأبدي في مكان آخر، لذلك ما عليهم إِلاَّ تهيئة أنفسهم لمواجهة نتائج أعمالهم، حيثُ تقول الآية: (وإن من قرية إِلاَّ نحنُ مهلكوها قبل يوم
القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً).
فالطغاة والظالمون نبيدهم بواسطة العذاب، أمّا الآخرون فيهلكون بالموت أو الحوادث الطبيعية.
وأخيراً، فإنَّ هَذِهِ الدنيا زائلة والكل يسلك طريق الفناء (كانَ ذلك في الكتاب مسطوراً).
والكتاب هُنا هو نفس اللوح المحفوظ وَهو العلم اللامتناهي للخالق جلا وَعلا، وَمجموعة القوانين الإِلهية التي لا يمكن التخلُّف عنها في عالم الوجود هذا.
وَنظراً لِهَذا القانون الحتمي الذي لا يمكن تغييره يجب على المشركين والظالمين والمنحرفين - من الآن - أن يحاسبوا أنفسهم لأنّهم حتى لو بقوا أحياءً حتى نهاية هَذِهِ الدنيا، فإنَّ عاقبتهم ستكون الفناء ثمّ الحساب والجزاء.
وَهُنا قد يقول المشركون: نحنُ لا مانع لدينا مِن الإِيمان وَلكن بشرط أن يقوم الرّسول(ص) بجميع المعجزات التي نقترحها عليه، أي أن يستسلم لحججنا.
﴿وَإِن﴾ وما ﴿مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ بالموت ﴿أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا﴾ بالقتل وغيره ﴿كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ﴾ اللوح المحفوظ ﴿مَسْطُورًا﴾ مكتوبا.