القرآن يجيب أمثال هؤلاء بقوله تعالى: (وَما منعنا أن نرسل بالآيات إِلاَّ أن كَذَّبَ بها الأوّلون).
الآية تشير إِلى أنَّ الله تبارك أرسل معجزات كثيرة وَكافية لدلالة على صدق الرّسول(ص)، أمّا ما تقترحونه مِن معجزات فهي غيرمقبولة، لأنّكم بعد وقوعها وَمشاهدتها سوف لا تؤمنون، بدليل أنَّ الأمم السابقة والتي كانت أوضاعها وَحالاتها مماثلة لأوضاعكم وَحالاتكم، اقترحت نفس الإِقتراحات ثمّ لم تؤمن بعد ذلك.
تشير الآية بعد ذلك إِلى نموذج واضح لِهَذَه الحالة فتقول: (وآتينا ثمود الناقة مُبصرةً) لقد طلبَ قوم صالح الناقة فاخرجها الله لهم مِن الجبل، وأجيبت بذلك المعجزة التي طلبوها، وَقد كانت معجزة واضحة وَموضِّحة!
وَلكن بالرغم مِن كل ذلك (فظلموا بها).
وَعادة فإنَّه ليس مِن مُقتضيات البرنامج الإِلهي أن يستجيب لأي معجزة يقترحها إنسان، أو أن ينصاع إِلى تنفيذها الرّسول، وَلكن الهدف هو: (وَما نرسل بالآيات إِلاَّ تخويفاً).
إِنَّ أنبياء الله ليسوا أفراداً خارقي العادة حتى يجلسوا وَينفذوا أيَّ اقتراح يُقترح عليهم وإنّما مسؤوليتهم إبلاغ دعوة الله والتعليم والتربية وإقامة الحكومة العادلة، إِلاَّ أنّهم يظهرون المعجزات مِن أجل إثبات علاقتهم بالخالق جلاَّ وَعلا، وَبالقدر الذي يُناسب هَذا الإِثبات ليسَ أكثر.
﴿وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ﴾ التي اقترحها قريش ﴿إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ﴾ لما اقترحوها وأرسلنا إليهم وأهلكناهم وكذا هؤلاء ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ آية واضحة تبصر من تأملها ﴿فَظَلَمُواْ﴾ أنفسهم بها بعقرها أو فكفروا ﴿بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ﴾ المعجزات ﴿إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ للعباد من عذابنا ليؤمنوا.