يبيّن القرآن الكريم حكماً آخر من أحكام الطّلاق ويقول: (وللمطلّقات متاع بالمعروف حقّاً على المتّقين) أي أنّ المتقين يجب عليهم تقديم هديّة لائقة للنساء المطلّقات.
وبالرّغم من أنّ ظاهر الآية يشمل جميع النساء المطلّقات، ولكن بقرينة الآية 236 السابقة نفهم أنّ هذا الحكم يختص بمورد النسوة التي لم يقرّر لهنّ مهر بعد وقوع الطّلاق قبل الوطىء، وفي الحقيقة فإنّ هذه الجملة تأكيد للحكم المذكور كيلا يتعرّض للإهمال، ويحتمل أيضاً أنّ الحكم المذكور يشمل جميع النسّاء المطلّقات، غاية الأمر أنّ المورد أعلاه من الموارد الوجوبيّة والموارد الاُخرى لها جنبة استحبابيّة.
وعلى كلّ حال فإنّ هذا الحكم هو أحد الأحكام الإنسانيّة والأخلاقيّة في الإسلام والتي لها أثر إيجابي على إزالة الرسوبات المتخلّفة من عملية الطّلاق ومنع حالة العداوة والإنتقام والكراهيّة الناشئة منه.
وذكر البعض أن دفع هدية لائقة للنساء المطلّقات أمر واجب وهو غير المهر، ولكنّ الظاهر بين علماء الشيعة كما يُستفاد من عبارة المرحوم الطبرسي في مجمع البيان أنّه لا قائل بهذا القول (ويصرّح المرحوم صاحب الجواهر أيضاً أنّ الهديّة المذكورة لا تجب إلاَّ في ذلك المورد الخاص وأنّ هذه المسألة إجماعيّة)(3).
وقد احتمل البعض أنّ المراد من المتاع هنا النفقة وهو احتمال بعيدٌ جدّاً.
وعلى كلّ حال أنّ هذه الهديّة وطبق الرّوايات الواردة من الأئمّة المعصومين تُعطى إلى المرأة بعد تمام العدّة والإفتراق الكامل لا في عدّة الطّلاق الرّجعي، وبعبارة أُخرى أنّ هذه الهديّة ليست وسيلة للعودة، بل للوداع النهائي(4).
﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ قيل عمم وجوب المتعة لكل مطلقة بعد إيجابها لواحدة منهن وعندنا أن العموم مخصص بالآية السابقة وقيل التمتيع يعم الواجب والمندوب وقيل أريد به نفقة الزوجية.