ثمّ ذكروا دليلا آخر وهو: (هؤلاء قومنا اتّخذوا مِن دونه آلهة).
فهل يُمكن الإِعتقاد بشيء بدون دليل وبرهان؟: (لولا يأتون عليهم بسلطان بيِّن).
وهل يمكن أن يكون الظن أو التقليد الأعمى دليلا على مثل هذا الإِعتقاد؟ ما هذا الظلم الفاحش والإِنحراف الكبير: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً).
وهذا الإِفتراء هو ظلم للنفس، لأنَّ الإِنسان يستسلم حينئذ لأسباب السقوط والشقاء، وهو أيضاً ظلم بحق المجتمع الذي تسري فيه هذه الإِنحرافات، وأخيراً هو ظلم لله وتعرض لمقامه العظيم سبحانهُ وتعالى.
هؤلاء الفتية الموحدون قاموا بما يستطيعون لإِزالة صدأ الشرك عن قلوب الناس، وزرع غرسة التوحيد في مكانها، إِلاَّ أنَّ ضجة عبادة الأصنام في ذلك المحيط الفاسد، وظلم الحاكم الجبار كانتا مِن الشدّة بحيث حبستا أنفاس عبادة الله في صدورهم وانكمشت همهمات التوحيد في حناجرهم.
﴿هَؤُلَاء﴾ مبتدأ ﴿قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا﴾ هلا ﴿يَأْتُونَ عَلَيْهِم﴾ على عبادتهم ﴿بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ﴾ بحجة ظاهرة ﴿فَمَنْ﴾ أي لا أحد ﴿أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ بنسبة الشريك إليه.