أو أنَّهُ سبحانه وتعالى يُعطي أوامره إلى الأرض كي تمنعك الماء: (أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع لهُ طلباً).
"حُسبان" على وزن "لقمان" وهي في الأصل مأخوذة مِن كلمة "حساب"، ثمّ وردت بعد ذلك بمعنى السهام التي تُحَسب عندَ رميها، وتأتي أيضاً بمعنى الجزاء المرتبط بحساب الأشخاص، وهذا هو ما تشير إليه الآية أعلاه.
"صعيد" تعني القشرة التي فوق الأرض.
وهي في الأصل مأخوذة مِن كلمة صَعود.
"زلق" بمعنى الأرض الملساء بدون أي نباتات بحيث أنَّ قدم الإِنسان تنزلق عليها (الطريف ما يقوم به الإِنسان اليوم حيث تتمّ عملية تثبيت الأرض والرمال المتحركة، ومنع القرى مِن الإِندثار تحت هذه الرمال عند هبوب العواصف الرملية، وذلك مِن خلال زراعتها بالنباتات والأشجار، أو - كما يُصطلح عليه - إِخراجها مِن حال الزلق والإِنزلاق).
في الواقع، إِنَّ الرجل المؤمن والموحِّد حذَّر صديقه المغرور أن لا يطمأن لهذه النعم، لأنَّها جميعاً في طريقها إلى الزوال وهي غير قابلة للإِعتماد.
إِنَّهُ أراد أن يقول لصاحبه: لقد رأيت بعينيك - أو على الأقل سمعت بأذنك - كيف أنَّ الصواعق السماوية جعلت مِن البساتين والبيوت والمزروعات - وخلال لحظة واحدة - تلاًّ مِن التراب والدمار وأصبحت أرضهم يابسة عديمة الماء والكلأ.
وأيضاً سمعت أو رأيت بقيام هزة أرضية تطمس الأنهار وتُجفِّف العيون، بحيث تكون غير قابلة للإِصلاح والترميم.
وبمعرفتك لكل هذ الأُمور فَلِمَ هذا الغرور؟!
أنت الذي شاهدت أو سمعت كل هذا، فَلِمَ هذا الإِنشداد للأرض والهوى؟
ثمّ لماذا تقول: لا أعتقد أن تزول هذه النعم وأنّها باقية وخالدة; فلماذا هذا الجهل والبلاهة!!!؟
﴿أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا﴾ غائرا ﴿فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾ حيلة ترده بها.