ومِن أجل طمأنة الرّسول(ص) في مقابل صلافة وعناد أمثال هؤلاء، تقول الآية: (وما نرسل المرسلين إِلاَّ مُبشرين ومُنذرين).
ثمّ تقول الآية: إِنَّ هذه القضية ليست جديدة، بل إِنَّ مِن واقع هؤلاء الأشخاص المعارضة والإِستهزاء بآيات الله: (ويُجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزواً)(2).
وهذه الآية تشبه الآيات (42 - 45) مِن سورة الحج التي تقول: (وإِن يكذبوك فقد كذَّبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود ... ) إلى آخر الآيات.
ويحتمل في تفسير الآية أنَّ الله تبارك وتعالى يريد أن يقول: إِنَّ عمل الإنبياء لا يقوم على الإِجبار والإِكراه، بل إِنَّ مسؤوليتهم التبشير والإِنذار، والقرار النهائي مرتبط بنفس الناس كي يُفكروا بعواقب الكفر والإِيمان معاً، وحتى يؤمنوا عن تصميم وإِرادة وبيِّنة، لا أن يلجأوا إلى الإِيمان الإِضطراري عند نزول العذاب الإِلهي.
لكن، مع الأسف أن يُساء استخدم حرية الإِختيار هذه والتي هي وسيلة لتكامل الإِنسان ورقيِّه، عندما يقوم أنصار الباطل بالجدال في مقابل أنصار الحق، إِذ يُريدون القضاء على الحق عن طريق الإِستهزاء أو المغالطة.
ولكن هناك قلوباً مستعدة لقبول الحق دوماً والتسليم له، وإِنَّ هذا الصراع بين الحق والباطل كان وسيبقى على مدى الحياة.
﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ﴾ للمطيعين ﴿وَمُنذِرِينَ﴾ للعاصين ﴿وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ﴾ من إنكار إرسال البشر ونحوه ﴿لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ ليبطلوا أو يزيلوا بجدالهم الحق ﴿وَاتَّخَذُوا آيَاتِي﴾ أي القرآن ﴿وَمَا أُنذِرُوا﴾ من النار ﴿هُزُوًا﴾ استهزاء.