إِنَّ البرانامج التربوي للخالق جلَّوعلا هو أن يُعطي لعباده الفرصة بعد الأُخرى، وهو جلَّوعلا لا يُعاقب بشكل فوري مِثل الجبارين والظالمين، بل إِنَّ رحمته الواسعة تقتضي دوماً إِعطاء أوسع الفرص للمذنبين، لذا فإِنّ الآية التي بعدها تقول: (وربّك الغفور ذو الرحمة).
(لو يُؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب).
فاذا كانت الإِرادة الإلهية تقتضي انزال العذاب بسبب ارتكابهم للذنبوب لتحقّق ذلك فوراً.
(بل لهم موعدٌ لن يجدوا مِن دونه موئلا)(2).
فغفرانه تعالى يقضي أن يرحم التوابين، ورحمته تقضي أن لا يعجّل عذاب غيرهم، إِذ مِن المحتمل أن يلتحق بعضهم بصفوف التوابين، إِلاَّ أن عدالته تعالى تقتضي مجازاة المذنبين العاصين الظالمين عندما يصل طُغيانهم وتمردهم إلى أقصى درجاته، وعندما يكون بقاء مثل هؤلاء الأفراد الفاسدين المفسدين الذين لا يوجد أمل في إصلاحهم، عبثاً وبدون فائدة، لذا ينبغي تطهير الأرض منهم، ومِن لوث وجودهم.
﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ﴾ في الدنيا ﴿بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ﴾ وهو يوم القيامة ﴿لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا﴾ منجى وملجأ.