ولأنَّ هذا الحادث والموضوع - بشكل عام - كان علامة لموسى(ع)، لكي يصل مِن خلاله إِلى موقع (العالم) الذي خرجَ يبحث عنهُ، لذا فقد قال: (قال ذلك ما كُنّا نبغي).
وهُنا رجعا في نفس الطريق: (فارتدّا على آثارهما قصصاً).
وهنا قد يُطرح هذا السؤال: هل يمكن لنبي مثل موسى(ع) أن يُصاب بالنسيان حيث يقول القرآن (فنسيا حوتهما) ثمّ لماذا نَسَبَ صاحب موسى(ع) نسيانهُ إلى الشيطان؟
في الجواب نقول: إِنَّهُ لا يوجد ثمّة مانع مِن الإِصابة بالنسيان في المسائل والموارد التي لا ترتبط بالأحكام الإِلهية والأُمور التبليغية، أي في مسائل الحياة العادية (خاصّة في المواقع التي لها طابع اختبار، كما هو الحال في موسى هنا، وسوف نشرح ذلك فيما بعد).
أمّا ربط نسيان صاحبه بالشيطان، فيمكن أن يكون ذلك بسبب أن قضية السمكة ترتبط بالعثور على ذلك الرجل العالِم، وبما أنَّ الشيطان يقوم بالغواية، لذا فإِنَّه أراد مِن خلال هذا العمل (النسيان) أن يصلا مُتأخِرَينَ إِلى ذلك العالم، وقد تكون مقدمات النسيان قد بدأت مِن (يوشع) نفسهُ حيثُ أنَّهُ لم يُدقق ويهتم بالأمر كثيراً.
﴿قَالَ﴾ موسى ﴿ذَلِكَ﴾ أي فقد الحوت ﴿مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ لأنه علامة لمن تطلبه ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا﴾ رجعا في الطريق الذي جاءا فيه يقتصان ﴿قَصَصًا﴾.