التّفسير
رؤية المعلم الكبير:
عندما رجع موسى(ع) وصاحبه إِلى المكان الأوّل، أي قرب الصخرة وقرب (مجمع البحرين)، فجأة: (فوجدا عبداً مِن عبادنا آتيناهُ رحمة مِن عندنا وعلمناه مِن لدنا علماً).
إِنَّ استخدام كلمة "وجدا" تفيد أنّهم كانوا يبحثون عن نفس هذا الرجل العالم، وقد وجداه أخيراً.
أمّا استخدام عبارة (عبداً مِن عبادنا) فهي تبيّن أن أفضل فخر للإِنسان هو أن يكون عبداً حقيقياً للخالق جلَّ وعلا، وإِنَّ مقام العبودية هذا يكون سبباً في شمول الإِنسان بالرحمة الإِلهية، وفتح أبواب المعرفة والعلم في قلبه.
كما أنَّ استخدام عبارة (مِن لدنا) تبيّن أنَّ علم ذلك العالم لم يكن علماً عادياً، بل كان يعرف جزءاً مِن أسرار هذا العالم، وأسرار الحوادث التي لا يعلمها سوى الله تعالى.
أمّا استخدام (علماً) بصيغة النكرة فهو للتعظيم، ويتبيّن مِن ذلك أنَّ ذلك الرجل العالم قد حصَلَ مِن علمه على فوائد عظيمة.
أمّا ما هو المقصود مِن عبارة (رحمة مِن عندنا) فقد ذكر المفسّرون تفاسير مختلفة، فقال بعضهم: إِنّها إِشارة إِلى مقام النبوة، والبعض الآخر اعتبرها إِشارة للعمر الطويل.
ولكن يُحتمل أن يكون المقصود هو الإِستعداد الكبير والروح الواسعة، وسعة الصدر التي وهبها الله تعالى لهذا الرجل كي يكون قادراً على استقبال العلم الإِلهي.
أمّا ما ذكر مِن أنَّ هذا الرجل اسمهُ (الخضر) وفيما إِذا كانَ نبيّاً أم لا، فسوف نبحث كل ذلك في البحوث القادمة.
﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا﴾ هو الخضر ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً﴾ نبوة ﴿مِنْ عِندِنَا﴾ أو ولاية ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ من علم الغيب.