التّفسير
قصّة "ذو القرنين" العجيبة:
قُلنا في بداية حديثنا عن أصحاب الكهف: إِنَّ مجموعة مِن قريش قرَّرت اختبار الرّسول الأكرم(ص)، وقامت هذه المجموعة بالتنسيق مع اليهود واستشارتهم بطرح ثلاث قضايا هى: تأريخ الفتية مِن أصحاب الكهف.
السؤال عن ماهية الروح، أمّا القضية الثّالثة فقد كانت حول "ذو القرنين".
وفي القرآن، جاءَ الردّ على قضية الروح في سورة الإِسراء، أمّا الإِجابة على السؤالين الآخرين فقد جاءت في سورة الكهف.
ونحنُ الآن بصدد قصّة "ذو القرنين":
وأشرنا سابقاً إِلى أنَّ سورة الكهف أشارت إِلى ثلاث قصص تختلف في الظاهر عن بعضها، ولكنّها تشترك في جوانب معينة، والقصص الثلاث هي قصّة أصحاب الكهف، وموسى والخضر، وقصّة "ذو القرنين".
إِنَّ في القصص الثلاث هذه مضامين تنقلنا مِن حياتنا العادية إِلى أفق آخر، يكشف لنا أنَّ العالم في حقائقه وأسراره لا يُحَدُّ فيما ألفناه مِنهُ، وفيما يحيطنا مِنهُ، واعتدنا عليه.
إِنَّ قصة "ذو القرنين" تدور حول شخصية أثارت اهتمامات الفلاسفة والباحثين منذ القدم.
وقد بُذلت جهود ومساعي كثيرة للتعرُّف على هذه الشخصية.
وسنقوم أوّلا بتفسير الآيات الست عشرة الخاصّة بذي القرنين حيث أن حياته مع قطع النظر عن جوانبها التاريخية بمثابة درس كبير ومليء بالعبر ، ثمّ ننتقل إِلى بحوث لمعرفة شخصية ذي القرنين نفسه مستفيدين في ذلك مِن الرّوايات الإِسلامية، وممّا أشار إِليه المؤرّخون في هذا الصدد.
بتعبير آخر: إِنَّ ما يهمنا أوّلا هو الحديث عن شخصية ذي القرنين، وهو ما فعلهُ القرآن، حيث يقول تعالى: (ويسئلونك عن ذي القرنين).
فيكون الجواب على لسان الرّسول المصطفى(ص): (قل سأتلوا عليكم مِنهُ ذكراً).
ولأنَّ "السين" في (سأتلوا) تستخدم عادة للمستقبل القريب، والرّسول هنا يتحدَّث مُباشرة إِليهم عن ذي القرنين، فمن المحتمل أن يكون ذلك مِنهُ(ص)احتراماً ومراعاة للأدب; الأدب الممزوج بالهدوء والتروي، الأدب الذي يعني استلهامه للعلم مِن الله تبارك وتعالى، ونقلهُ إِلى الناس.
إِنَّ بداية الآية تبيّن لنا أنَّ قصة "ذو القرنين" كانت متداولة ومعروفة بين الناس، ولكنّها كانت محاطة بالغموض والإِبهام، لهذا السبب طالبوا الرّسول الأكرم(ص) الإِدلاء حولها بالتوضيحات اللازمة.
﴿وَيَسْأَلُونَكَ﴾ أي اليهود أو قريش ﴿عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ عن علي (عليه السلام) كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه فأمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه فغاب ثم رجع فدعاهم فضربوه على قرنه الآخر وقيل لأنه ملك فارس والروم أو المشرق والمغرب أو كان له قرنان أي ضفيرتان أو انقرض في وقته قرنان ﴿قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا﴾.