أمّا ذو القرنين فقد أجابهم: (قال ما مكنّي فيه ربّي خير)، وأنّي لا أحتاج إِلى مساعدتكم المالية وإِنّما: (فأعينوني بقوّة أجعل بينكم وبينهم ردماً).
كلمة "ردم" على وزن "طرد" وهي في الأصل تعني ملء الشق بالأحجار، إِلاّ أنّها فيما بعد أخذت معنىً واسعاً بحيث شملَ كل سد، بل وشمل حتى ترقيع الملابس.
يعتقد بعض المفسّرين أنَّ كلمة "ردم" تقال للسد القوي(1)، ووفقاً لهذا التّفسير فإِنَّ ذا القرنين قد وعدهم بأكثر ممّا كانوا ينتظرونه.
كما أنّه يجب الإِنتباه إِلى أنَّ "سد" على وزن "قد"، و"سُدّ" على وزن "قفل" هما بمعنى واحد، وهو الحائل الذي يفصل بين شيئين، إِلاَّ أنَّ البعض - كما يقول الراغب - وضع فرقاً بين الإِثنين، فالأوّل هو مِن صناعة الإِنسان، والثّاني هو الحائل الطبيعي.
﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي﴾ بنونين بلا إدغام أو به ﴿فِيهِ رَبِّي﴾ من المال والملك ﴿خَيْرٌ﴾ مما تجعلونه لي من الخرج ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ بما أتقوى به من عمل أو آلة ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ حاجزا حصينا متراكبا بعضه على بعض.