التّفسير
صفات يحيى(ع) البارزة:
رأينا في الآيات السابقة كيف أنّ الله سبحانه منّ على زكريا عند كبره بيحيى، وبعد ذلك فإنّ أوّل ما نلاحظه في هذه الآيات هو الأمر الإِلهي المهم الذي يخاطب يحيى: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة).
المشهور بين المفسّرين أنّ المراد من الكتاب هنا هو التوراة، حتى ادعوا الإِجماع على ذلك(1).
إِلاّ أنّ البعض احتمل أن يكون له كتاب خاص كزبور داود، وهو طبعاً ليسَ كتاباً متضمناً لدين جديد ومذهب مستحدث(2).
غير أن الإِحتمال الأوّل هو الأقوى كما يبدو.
وعلى أي حال، فإِنّ المراد من أخذ الكتاب بقوة هو إِجراء وتنفيذ ما جاء في كتاب التوراة السماوي بكل حزم واقتدار وتصميم راسخ، وإِرادة حديدية، وأن يعمل بكل ما فيه، وأن يستعين بكل القوى المادية والمعنوية في سبيل نشره وتعميمه.
إِنّ من القواعد المسلّمة أنّه لا يمكن تطبيق أي كتاب ودين بدون قوة وقدرة وحزم أتباعه وأنصاره، وهذا درس لكل المؤمنين، وكل السالكين والسائرين في طريق الله.
يحيى وصفاته العشرة:
ثمّ أشار القرآن الكريم إِلى المواهب العشرة التي منحها الله ليحيى والتي اكتسبها بتوفيق الله:
1 - (وآتيناه الحكم صبياً).
وهو أمر النّبوة والعقل والذكاء والدراية.
﴿يَا يَحْيَى﴾ أي فوهبنا له يحيى وقلنا ﴿خُذِ الْكِتَابَ﴾ التوراة ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بجد ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ﴾ النبوة أو فهم التوراة ﴿صَبِيًّا﴾ ابن ثلاث سنين.