ثمّ تحذر الآية الأخيرة - من آيات البحث - كل الظالمين والجائرين، وتذكرهم بأن هذه الأموال التي تحت تصرفهم الآن ليست خالدة، كما أن حياتهم ليست خالدة، بل إِنّ الوارث الأخير لكل شيء هو الله سبحانه: (إِنّا نحن نرث الأرض ومن عليها وإِلينا يرجعون)(7).
إِن هذه الآية - في الحقيقة - تتناغم مع الآية 16 / سورة المؤمن، والتي تقول: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) فإِذا آمن شخص واعتقد بهذه الحقيقة، فلماذا يبيح التعدي والظلم وسحق الحقيقة، وهضم حقوق الناس، أمن أجل الأموال واللذائذ المادية التي أودعت في أيدينا لعدّة أيّام وستخرج من أيدينا بسرعة؟
1 ـ يراجع التّفسير الآمثل ذيل الآية (171) من سورة النساء.
2 ـ تفسير في ظلال القرآن، ج 5، ص 436، بتصرف.
3 ـ يمكن أن يكون (مشهد) مصدراً ميمياً بمعنى الشهود، أو أن يكون اسم مكان أو زمان بمعنى محل أو زمن الشهود، وبالرغم من اختلاف هذه المعاني، إِلاّ أنّها لا تختلف كثيراً من ناحية النتيجة.
4 ـ الألف واللام في كلمة (اليوم) هي ألف ولام العهد، إِلا أنّه طبقاً للتفسير الأوّل العهد الحضوري، وعلى التّفسير الثّاني العهد الذكري.
5 ـ مجمع البيان، ذيل الآية أعلاه.
6 ـ هل أن هذه الآية إِشارة إِلى القيامة، أو إِلى زمان فناء الدنيا، فإن كانت إِشارة إِلى القيامة، فإِنّها لا تناسب ظاهراً جملة (وإِلينا يرجعون) وإِن كانت إِشارة إِلى زمان فناء الدنيا، فإِنّها لا تناسب جملة (ومن عليها) لأنّه لا يوجد أي حي عند فناء الدنيا حتى يصدق عليه تعبير (من عليها) وربّما فسّر بعض المفسّرين ـ كالعلاّمة الطباطبائي ـ هذه الجملة هكذا: إِنا نحن نرث عنهم الأرض، لهذا السبب. إِلا أن هذا التّفسير أيضاً يخالف الظاهر قليلا لأن (ومن عليها) عطفت بالواو.
وهنا ـ أيضاً ـ إِحتمال آخر، وهو أن مفعول (نرث) تارة يكون الشخص الذي يترك الأموال، مثل: (وورث سليمان داود)، وتارة أُخرى الأموال التي بقيت للإِرث، مثل: (نرث الأرض) وفي الآية أعلاه ورد كلا التعبيرين.
7 ـ لقد بحث هذا الموضوع مفصلا ذيل الآية (74) من سورة الأنعام.
﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا﴾ من العقلاء وغيرهم بأن نهلكهم فلا يبقى فيها مالك ولا ملك غيرنا ﴿وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ يردون للجزاء.