لكن، ورغم كل ذلك، فقد سيطر إِبراهيم على أعصابه، كبقية الأنبياء والقادة الإِلهيين، ومقابل هذه الغلظة والحدّة وقف بكل سمو وعظمة، و (قال سلام عليك).
إِنّ هذا السلام يمكن أن يكون سلام التوديع، وأن إِبراهيم بقوله: (سلام عيك) وما يأتي بعده من كلام يقصد ترك آزر.
ويمكن أن يكون سلاماً يقال لفض النزاع، كما نقرأ ذلك في الآية (55) من سورة القصص: (لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين).
ثمّ أضاف: (سأستغفر لك ربّي إِنّه كان بي حفياً).
إِن إبراهيم في الواقع قابل خشونة وتهديد آزر بالعكس، ووعده بالإِستغفار وطلب مغفرة الله له.
وهنا يطرح سؤال، وهو: لماذا وعد إبراهيم آزر بالإِستغفار مع أنا نعلم أن آزر لم يؤمن أبداً، ولا يجوز الإِستغفار للمشركين طبقاً لصريح الآية (113) من سورة التوبة؟
وقد ذكرنا جواب هذا السؤال بصورة مفصلة في ذيل تلك الآية في سورة التوبة.
﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ﴾ سلام توديع ومهاجرة أي لا أصيبك بمكروه ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ بأن يوفقك لما توجب مغفرته ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ بارا لطيفا.