سبب النّزول
ذكر جماعة من المفسّرين في سبب نزول هاتين الآيتين، أنّ الوحي انقطع أيّاماً، ولم يأت جبرئيل رسول الوحي الإِلهي إِلى النّبي، فلمّا انقضت هذه المدّة قال له: قال عن رسول الله(ص): "ما منعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا"، فنزلت الآية: (وما نتنزلُ إِلاّ بأمر ربّك)(1).
التّفسير
الطاعة التّامة:
بالرّغم من أن لهذه الآية سبب نزول ذكر أعلاه، إِلاّ أنّ هذا لا يكون مانعاً من أن يكون لها ارتباطاً منطقياً بالآيات السابقة، لأنّها تأكيد على أنّ كل ما أتى به جبرئيل من الآيات السابقة قد بلغه عن الله بدون زيادة أو نقصان، ولا شيء من عنده، فتتحدث الآية الأُولى على لسان رسول الوحي فتقول: (وما نتنزل إِلاّ بأمر ربّك) فكل شيء منه، ونحن عباد وضعنا أرواحنا وقلوبنا على الأكف (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) والخلاصة: فإنّ الماضي والحاضر والمستقبل، وهنا وهناك وكل مكان، والدنيا والآخرة والبرزخ، كل ذلك متعلق بذات الله المقدسة.
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا﴾ من الأماكن أو الأزمنة الماضية والآتية ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ من المكان والزمان الذي نحن فيه أوله ما يستقبل من أمور الآخرة وما مضى من أمور الدنيا وما بين النفختين ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ ناسيا تاركا لك أي إنما تأخر النزول لعدم الأمر به لا لترك الله لك كقوله تعالى ما ودعك ربك وما قلى.