لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وكذلك تقول بنبرة التهديد والتحذير لكل الأعداء اللجوجين العنودين: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً). "الركز" بمعنى الصوت الهادىء، ويقال للأشياء التي يخفونهاتحت الأرض: "ركاز"، أي إِنّ هؤلاء الأقوام الظالمين، وأعداء الحق والحقيقة المتعصبين، قد تمّ تدميرهم وسيحقهم الى حدّ لا يسمع صوت خفي منهم. بحثان: 1 - محبّة علي(ع) في قلوب المؤمنين لقد صدرت روايات عديدة عن النّبي(ص) في سبب نزول قوله تعالى: (إِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) في كثير من كتب الحديث وتفسير السنة والشيعة، وهي تبيّن أنّ هذه الآية نزلت لأول مرّة في حق علي(ع)، ومن جملة من يمكن ذكرهم: العلاّمة الزمخشري في الكشاف، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، والكنجي الشافعي، والقرطبي في تفسيره المشهور، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى، والنيسابوري في تفسيره المعروف، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، والسيوطي في الدر المنثور، والهيثمي في الصواعق المحرقة، والآلوسي في روح المعاني. ومن جملة الأحاديث: 1 - يروي الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب: إنّ رسول الله(ص) قال لعلي(ع) : "قل: اللّهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في قلوب المؤمنين مودّة"، فأنزل الله تعالى: (إِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً)(2). وقد وردت نفس هذه العبارة باختلاف يسير في كثير من الكتب الأُخرى. 2 - وقد نقل عن ابن عباس - في كثير من المصادر الإِسلامية - أنّه قال: نزلت في علي بن أبي طالب: (إِنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) قال: محبة في قلوب المؤمنين(3). 3 - روي في كتاب "الصواعق" عن محمّد بن الحنفية في تفسير هذه الآية: لا يبقي مؤمن إِلاّ وفي قلبه ودّ لعلي ولأهل بيته(4). 4 - وربّما روي لهذا السبب عن أمير المؤمنين علي(ع) نفسه في رواية صحيحة معتبرة أنّه قال: "لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنّه قضى فانقضى على لسان النّبي الأمي أنّه قال: لا يبغضك مؤمن، ولا يحبّك منافق"(5). 5 - ونقرأ في حديث عن الإِمام الصادق(ع): "ودعا رسول الله لأمير المؤمنين في آخر صلاته، رافعاً بها صوته ليسمع الناس: "اللّهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين، فأنزل الله: إن الذين آمنوا ... " الآية(6). على كل حال - وكما قلنا في تفسير الآيات أعلاه - فإنّ نزول هذه الآية في علي(ع) لأنّه المصداق الاتم والاكمل، و لا يمنع من تعميمها في شأن كل المؤمنين على اختلاف المراتب. 2 - تفسير جملة: (يسرناه بلسانك) "يسّرناه"، من مادة التيسير، أي التسهيل، والله سبحانه يقول: (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً)، فيمكن أن يكون هذا التسهيل من جوانب مختلفة: 1 - من جهة أن القرآن عربي فصيح، عذب سلس العبارة، وله نغمة تفرح القلب، وتلاوته سهلة على اللسان. 2 - من جهة أن سبحانه قد سلط نبيّه ومكنه من آيات القرآن، بحيث كان يستفيد منها بكل بساطة في كل مكان، ولحل أية مشكلة، وكان يتلوها دائماً على المؤمنين، وبلا انقطاع. 3 - من جهة المحتوى، برغم عمق معانيه وكثرة ما يستنبط منه، فإن إِدراكه سهل وبسيط في الوقت نفسه، ولا ريب أن كل هذه الحقائق الكبيرة والمهمة التي صبت في قالب هذه الألفاظ المحدودة، سهلة الإِدراك، وهي بذاتها دليل على إِعجاز القرآن. وقد تكررت هذه الجملة في عدة آيات من سورة القمر: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر). إِلهنا، نوّر قلوبنا بنور الإِيمان، ووجودنا بنور العمل الصالح، واجعلنا من محبي المؤمنين والصالحين، وخاصّة إِمام المتقين، وأمير المؤمنين علي(ع)، وألق محبتنا في قلوب كل المؤمنين. اللّهم، اجمع شمل مجتمعنا الإِسلامي الكبير الذي وقع في قبضة" الأعداء - مع كل ما له من كثرة العدد وسعة الإِمكانيات المادية والمعنوية - والضعف والعجز الذي اعتراه نتيجة تبعثر وتفرقة الصفوف .. اللهم ألف شمله واجمعه حول مشعل الإِيمان والعمل الصالح. ربّنا، كما أهلكت الجبارين المتمردين السابقين حتى لا يُسمع لهم حس ولا صوت، فامح جبابرة زماننا أيضاً، وادفع شرّهم عن المستضعفين، ومنّ بالنصر النهائي على المؤمنين في ثورتهم ضد المستكبرين. نهاية سورة مريم ﴿وَكَمْ﴾ أي كثير ﴿أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ﴾ أي أمة من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) وتهديد للكفرة ﴿هَلْ تُحِسُّ﴾ تبصر ﴿مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ﴾ من مزيدة ﴿أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ صوتا خفيا فكما أهلكناهم نهلك هؤلاء.