ثمّ تستمر في تعريف الله المنزل للقرآن فتقول: (الرحمن على العرش استوى) وكما قلنا سابقاً في تفسير الآية: (ثمّ استوى على العرش)(5)، فإِنّ كلمة عرش تقال للشيء الذي له سقف، وأحياناً تطلق على نفس السقف، أو على الأسرة المرتفعة القوائم كأسرة وكراسي السلاطين، وفي قصة سليمان نقرأ: (أيّكم يأتيني بعرشها)(6).
من البديهي أنّ الله سبحانه ليس له عرش، ولا محكومة كحكام البشر، بل المراد من عرش الله كل عالم الوجود الذي يعتبر عرشه، وبناء على هذا فإنّ قوله تعالى: (استوى على العرش) كناية عن تسلط الله، وإحاطته الكاملة بعالم الوجود، ونفوذ أمره وتدبيره في جميع أنحاء العالم.
وأساساً فإنّ كلمة "عرش" في لغة العرب، كناية عن القدرة غالباً، فنقول مثلا: إِن فلاناً قد أنزلوه من العرش، أو أزاحوه عنه، فهذا يعني أنّهم قد أنهوا حكمه وقدرته، أو نقول: ثل عرشه.
وعلى كل حال، فإنّ من السخف أن يتوهم الإِنسان من هذا التعبير جسمية الله سبحانه.
﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء أو استقام أمره واستولى أو قصده أي أقبل على خلق.