لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وتقول الآية الأخيرة، وكنتيجة لما مر بيانه في الآيات السابقة: (لنريك من آياتنا الكبرى) ومن المعلوم أن المراد من الآيات الكبرى هو تلكما المعجزتان المهمتان اللتان وردتا أعلاه، وما احتمله بعض المفسّرين من أنّها إِشارة إِلى المعجزات التي سيضعها الله سبحانه تحت تصرف موسى فيما بعد يبدو بعيداً جداً. بحوث 1 - معجزتان كبيرتان لا شك أنّ ما ذكر أعلاه من تبدل عصا موسى إِلى حية عظيمة تسعى، وقد عبرت الآية (107) من سورة الأعراف عنها بـ (ثعبان) وكذلك البريق الخاص لليد في لحظة قصيرة ثمّ رجوعها إِلى الحالة الأُولى، ليسَ أمراً طبيعياً، أو نادراً، أو قليل الوقوع، بل إِن كلا الأمرين يعتبر خارقاً للعادة لا يمكن أن يقع بدون الإِستناد إِلى قوة فوق قوة البشر، أي قوة الله عزّوجلّ. إِنّ من يؤمن بالله، ويعتقد أن علمه وقدرته غير محدودة، لا يقدر على إِنكار هذه الأُمور، أو ينسبها إِلى الخراقة كالماديين. المهم في المعجزة هو عدم استحالتها عقلا، وهذا الأمر يصدق هنا كاملاً، فلا يوجد أي دليل عقلي على نفي تبدل العصا إِلى ثعبان عظيم. أليس العصا والحية العظيمة كانتا تراباً في الماضي السحيق؟ من الطبيعي أن المدة قد استغرقت ملايين أو مئات الملايين من السنين حتى ظهرت على شكل هذه الموجودات. لا تفاوت في هذه المسألة سواء قلنا بتكامل الأنواع أو ثبوتها، لأن أخشاب الأشجار والحيوانات قد خلقت جميعاً من التراب على كل حال. غاية ما في الأمر أن العمل الإِعجازي هنا اختصر كل تلك المراحل التي كان يجب أن تطوى خلال سنين طويلة في لحظة واحدة، وفي مدّة قصيرة جدّاً، فهل يبدو مثل هذا الأمر محالا؟ من الممكن أن أكتب باليد كتاباً ضخماً في سنة، فإِذا وجد شخص يستند ويعتمد على الإِعجاز ويؤدي هذا العمل في ساعة أو أقل، فإنّ هذا ليس محالا عقلياً، بل هو خارق للعادة. (دققوا ذلك). على كل حال، فإِنّ القضاء العجول حول المعجزات، ونسبتها - لا سمح الله - إِلى الخرافات أمر بعيد عن المنطق والعقل. الشيء الوحيد الذي يحفز ويثير هذه الأفكار أحياناً، هو أنّنا قد اعتدنا على العلل والمعلولات الطبيعية، إِلى الحد الذي اعتقدنا أنّها من الضروريات، وكل ما يخالفها فهو مخالف للضرورة، في حين أن هذه العلاقة بين العلة والمعلول أمر طبيعي، وليس له صفة الضرورية، ولا مانع من أن يظهرها عامل أقوى من الطبيعة بشكل آخر(3). 2 - قابليات الأشياء الخارقة من المسلّم أن موسى الذي اختار لنفسه عصا الرعي تلك، لم يكن يصدق أن هذا الموجود البسيط يستطيع القيام بمثل هذا العمل العظيم بأمر الله، ويحطم قوّة الفراعنة، إِلاّ أنّ الله سبحانه قد أراه أن نفس هذه الآلة البسيطة تستطيع أن توجِد مثل تلك القوة الخارقة. إِنّ هذا - في الواقع - درس لكل البشر بأن لا يستصغروا أي شيء، فإن كثيراً من الموجودات التي ننظر إِليها باحتقار تحتوي في باطنها على قدرات عظيمة نحن غافلون عنها وغير مطلعين عليها. 3 - ماذا تقول التوراة حول هذا الموضوع؟ في الآيات أعلاه قرأنا أنّ موسى(ع) عندما أخرج يده من جيبه كانت بيضاء مضيئة لا عيب فيها، ويمكن أن تكون هذه الجملة من أجل نفي التعبير الذي يلاحظ في التوراة المحرفة، فقد ورد في التوراة: (وقال الله له أيضاً: الآن ضع يدك إِلى جنبك، فوضع يد إِلى جنبه، وأخرجها فإِذا يده مبروصة كالثلج)(4). إِن كلمة "المبروص" مأخوذة من البرص، وهو نوع من الأمراض، ومن المسلم أن استعمال هذا التعبير هنا خطأ وغير مناسب. ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾.