التّفسير
موسى وطلباته القيمة:
إِلى هنا وصل موسى إِلى مقام النبوة، وتلقى معاجز مهمّة تسترعي الإِنتباه، إِلاّ أنّه من الآن فصاعداً صدر له أمر الرسالة .. رسالة عظيمة وثقيلة جدّاً .. الرسالة التي تبدأ بإِبلاغ أعتى وأخطر شخص في ذلك المحيط، فتقول الآية: (اذهب إِلى فرعون إِنّه طغى).
أجل .. فمن أجل إِصلاح بيئة فاسدة، وإيجاد ثورة شاملة يجب البدء برؤوس الفساد وأئمّة الكفر .. أُولئك الذين لهم تأثر في جميع أركان المجتمع، ولهم حضور في كل مكان، بأنفسهم أو أفكارهم أو أنصارهم .. أُولئك الذين تركزت كل الوسائل والمنظمات الإِعلامية والإِقتصادية والسياسية في قبضتهم، فإِذا ما أصلح هؤلاء، أو قلعت جذورهم عند عدم التمكن من إِصلاحهم، فيمكن أن يؤمن خلاص ونجاة المجتمع، وإلاّ فإنّ أي إِصلاح يحدث فإِنّه سطحي ومؤقت وزائل.
والملفت للنظر أن دليل وجوب الإبتداء بفرعون ذُكر في جملة قصيرة: (إِنّه طغى) حيث جمع في كلمة (طغيان) كل شيء .. الطغيان وتجاوز الحدود في كل أبعاد الحياة، ولذلك يقال هؤلاء الأفراد: طاغوت.
ومضافاً إلى أنّ موسى(ع) لم يستوحش ولم يخف من هذه المهمّة الثقيلة الصعبة، ولم يطلب من الله أي تخفيف في هذه المهمة، فإنّه قد تقبلها بصدر رحب، غاية ما في الأمر أنّه طلب من الله أسباب النصر في هذه المهمة.
﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ وادعه إلي ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ تجبر في كفره.