على كلّ حال، فإنّ فرعون بعد مشاهدة معجزات موسى العجيبة، وتأثيرها النفسي في أنصاره، صمّم على مواجهة موسى (ع) بالإستعانة بالسّحرة، ولذلك وضع الإتّفاق المذكور مع موسى (فتولّى فرعون فجمع كيده ثمّ أتى).
في هذه الجملة القصيرة تلخّصت حوادث جمّة جاءت بشكل مفصّل في سورتي الأعراف والشعراء، لأنّ فرعون بعد تركه ذلك المجلس ومفارقة موسى وهارون، عقد إجتماعات عديدة مع مستشاريه الخاصّين، وأتباعه المستكبرين، ثمّ دعا السّحرة من جميع أنحاء البلاد إلى الحضور في العاصمة، ورغّبهم بمرغّبات كثيرة من أجل مواجهة موسى (ع)، واُمور أُخرى ليس هنا مجال بحثها، إلاّ أنّ القرآن الكريم قد جمّعها كلّها في هذه الجمل الثلاث: (فتولّى فرعون، فجمع كيده، ثمّ أتى)(3).
وأخيراً حلّ اليوم الموعود، ووقف موسى أمام جميع الحاضرين، الذين كان بعضهم السّحرة، وكان عددهم - على رأي بعض المفسّرين - إثنين وسبعين ساحراً، وقال آخرون إنّهم بلغوا أربعمائة، وذكر البعض أعداداً أكبر أيضاً.
وكان قسم من ذلك الجمع عبارة عن فرعون وأنصاره وحاشيته، وأخيراً القسم الثّالث الذي كان يشكّل الأكثرية، وهم الناس المتفرجّون.
﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ﴾ انصرف ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ أي أسبأب كيده من السحرة وآلاتهم ﴿ثُمَّ أَتَى﴾ الموعد