التّفسير
طريق النجاة الوحيد:
تعقيباً على البحث السابق في نجاة بني إسرائيل بصورة إعجازية من قبضة الفراعنة، خاطبت هذه الآيات الثلاث بني إسرائيل بصورة عامّة، وفي كلّ عصر وزمان، وذكرتهم بالنعم الكبيرة التي منحها الله إيّاهم، وأوضحت طريق نجاتهم.
فقالت أوّلا: (يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوّكم).
ومن البديهي أنّ أساس كلّ نشاط ومجهود إيجابي هو التخلّص من قبضة المتسلّطين، والحصول على الحرية والإستقلال، ولذلك اُشير إلى هذه المسألة قبل كلّ شيء.
ثمّ تشير إلى واحدة من النعم المعنوية المهمّة، فتقول: (وواعدناكم جانب الطور الأيمن)، وهذه إشارة إلى حادثة ذهاب موسى (ع) مع جماعة من بني إسرائيل إلى مكان ميعادهم في الطور، ففي ذلك المكان أنزل الله سبحانه ألواح التوراة على موسى وكلّمه، وشاهدوا جميعاً تجلّي الله سبحانه(1).
وأخيراً أشارت إلى نعمة ماديّة مهمّة من نعم الله الخاصّة ببني إسرائيل، فتقول: (ونزّلنا عليكم المنّ والسلوى) ففي تلك الصحراء كنتم حيارى، ولم يكن عندكم شيء من الطعام المناسب، فأدرككم لطف الله، ورزقكم من الطعام الطيّب اللذيذ ما كنتم بأمسّ الحاجة إليه.
وللمفسّرين بحوث كثيرة فيما هو المراد من (المنّ والسلوى)، بيّناها في ذيل الآية (57) من سورة البقرة، بعد ذكر آراء المفسّرين الآخرين وقلنا: إنّه ليس من البعيد أن يكون "المنّ" نوعاً من العسل الطبيعي كان موجوداً في الجبال المجاورة لتلك الصحراء، أو نوعاً من السكريات المولدة للطاقة من نباتات خاصّة كانت تنمو في أطراف تلك الصحراء.
والسلوى نوع من الطيور المحلّلة اللحم شبيهاً بالحمام.
ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (57) من سورة البقرة.
﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ﴾ فرعون ﴿ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ لنؤتي موسى التوراة بيانا لما تحتاجون إليه ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ﴾ في التيه ﴿الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ أي الترنجبين والطير السماني.