ثمّ تخاطبهم الآية التالية بعد ذكر هذه النعم الثلاث العظيمة، فتقول (كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه).
الطغيان في النعمة هو أن يتّخذ الإنسان هذه النعم وسيلة للذنب والجحود والكفران والتمرّد والعصيان، بدل أن يستغلّها في طاعة الله وسعادته، تماماً كما فعل بنو إسرائيل حيث تمتّعوا بكلّ هذه النعم ثمّ ساروا في طريق الكفر والطغيان والمعصية.
ولذلك حذّرتهم الآية بعد ذلك فقالت: (فيحلّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).
"هوى" في الأصل بمعنى السقوط من المكان المرتفع، والذي تكون نتيجته الهلاك عادةً، إضافة إلى أنّه هنا إشارة إلى السقوط الرتبي والبعد عن قرب الله، والطرد من رحمته.
﴿كُلُوا﴾ بتقدير القول ﴿مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ﴾ بترك شكره وتعدي حدود الله فيه ﴿فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾ بكسر الحاء أي يجب ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي﴾ بكسر اللام أي يجب وضمها الكسائي من حل يحل نزل ﴿فَقَدْ هَوَى﴾ هلك أو سقط في النار.