ثمّ تقول الآية: إنّ الله سبحانه بعد تلاشي الجبال وتطاير ذرّاتها يأتي أمره إلى الأرض (فيذرها قاعاً صفصفاً(6) لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً)(7) وفي ذلك الحين يدعو الداعي الإلهي جميع البشر إلى الحياة والإجتماع في المحشر للحساب فيلبّي الجميع دعوته ويتّبعونه (يوم يتّبعون الداعي لا عوج له).
هل إنّ هذا الداعي (إسرافيل) أم ملك آخر من ملائكة الله المقرّبين؟ القرآن لم يشخّص ويحدّد ذلك بدقة، وكائناً من كان فإنّ أمره نافذ لا يقدر أي أحد على التخلّف عنه.
وجملة "لا عوج" أيمكن أن تكون وصفاً لدعوة هذا الداعي، أو وصفاً لاتّباع المدعوين، أو لكليهما.
وممّا يلفت النظر أنّه كما أنّ سطح الأرض يصبح صافياً ومستوياً بحيث لا يبقى فيه أي إعوجاج، فإنّ أمر الله والداعي أيضاً كلّ منهما صاف ومستقيم جلي، واتّباعه واضح لا سبيل لأي إنحراف وإعوجاج إليه.
عند ذلك: (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلاّ همساً)(8).
إنّ هدوء الأصوات أو خشوعها هذا إمّا هو لهيمنة العظمة الإلهيّة على عرصة المحشر حيث يخضع لها الجميع، أو خوفاً من الحساب ونتيجة الأعمال، أو لكليهما.
﴿فَيَذَرُهَا﴾ فيدع أماكنها أو الأرض المعلومة من الجبال ﴿قَاعًا﴾ أملس ﴿صَفْصَفًا﴾ مستويا.