لكن، ومع كلّ ذلك، فإنّ الشيطان قد ربط رباط العداوة حول آدم، ولهذا لم يهدأ له بال: (فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملك لا يبلى).
"الوسوسة" في الأصل تعني الصوت المنخفض جدّاً، ثمّ قيلت لخطور الأفكار السافلة والخواطر السيّئة سواء كانت تنبع من داخل الإنسان، أو من خارجة.
إنّ الشيطان تتبّع رغبة آدم وأنّها في أي شيء، فوجد أنّ رغبته في الحياة الخالدة والوصول إلى القدرة الأزليّة، ولذلك جاء إليه عن هذين العاملين وإستغلّهما في سبيل جرّه إلى مخالفة أمر الله.
وبتعبير آخر: فكما أنّ الله قد وعد آدم بأنّك إن تجنّبت الشيطان وخالفته فستحظى بالتنّعم في الجنّة دائماً، فإنّ الشيطان قد وسوس إليه عن هذا الطريق "أي أنّه سيخلد في الجنّة أيضاً".
أجل .. إنّ الشياطين يبدؤون دائماً في بادية خططهم من نفس النقاط والطرق التي يبدأ منها المرشدون إلى طريق الحقّ، لكن لا تمرّ الأيّام حتّى يجروهم إلى هاوية الإنحراف، ويجعلون جاذبية طريق الحقّ وسيلة للوصول إلى المتاهات.
﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ﴾ أنهى إليه وسوسة وبيانها ﴿قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ﴾ أي التي من أكل منها خلد ولم يمت ﴿وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى﴾ لا ينقطع.