الآية التالية في الحقيقة جواب عن سؤال يُثار هنا، وهو: لماذا لا يجري الله سبحانه على هذا القسم من المجرمين ما أجراه على المجرمين السابقين، فيقول القرآن: (ولولا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاماً وأجل مسمّى).
إنّ هذه السنّة الإلهيّة التي ذكرت في مواضع عديدة من القرآن باسم (كلمة) إشارة إلى قانون الخلقة المبتني على حريّة البشر، لأنّ كلّ مجرم إذا عوقب مباشرة وبدون أن يمهل، فإنّ الإيمان والعمل الصالح سيتّصف بالجبر تقريباً، وسيكون على الأغلب خوفاً من العقاب الآني، وبناءً على هذا فسوف لا يكون وسيلة للتكامل الذي هو الهدف الأصلي.
إضافةً إلى أنّه إذا تقرّر أن يعاقب جميع المجرمين فوراً، فسوف لا يبقى أحد حيّاً على وجه الأرض: (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة)(4).
وبناءً على هذا فيجب أن تكون هناك مهلة وفترة تعطى لكلّ المرتبطين بطريق الحقّ حتّى يرجع المجرمون إلى أنفسهم ويسلكوا سبيل الصلاح، ولتكون كذلك فرصة لتهذيب النفس.
إنّ التعبير ب- (أجل مسمّى) بالشكل الذي يفهم من مجموع آيات القرآن، إشارةً إلى الزمان الحتمي لنهاية حياة الإنسان(5).
وعلى كلّ حال، فإنّ الظالمين الذين لا إيمان لهم والمجرمين يجب أن لا يغترّوا بتأخير العذاب الإلهي، وأن لا يغفلوا عن هذه الحقيقة، وهي أنّ لطف الله وسنّته في الحياة، وقانون التكامل هذا، هو الذي يفسح المجال لهؤلاء.
﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخير عذابهم إلى الآخرة ﴿لَكَانَ﴾ الأخذ العاجل ﴿لِزَامًا﴾ لازمهم ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ عطف على كلمة أي لو لا العدة بتأخير عذابهم وأجل مضروب لهم وهو الآخرة أو يوم بدر للزمهم الأخذ العاجل أو على مستكين كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم.