ثمّ أشارت الآية التالية إلى واحدة من حجج الكفّار الواهية فقالت: (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربّه) واجابتهم مباشرة: (أو لم تأتهم بيّنة ما في الصحف الأُولى)حيث كانوا يشكّكون ويطلبون الأعذار بصورة متلاحقة من أجل الإتيان بالمعجزات، وبعد رؤية ومشاهدة تلك المعاجز إستمرّوا في كفرهم وإنكارهم، فحاق بهم العذاب الإلهي، أفلا يعلمون بأنّهم إذا ساروا في نفس الطريق فسينتظرهم المصير نفسه؟
ويحتمل أيضاً في تفسير هذه الآية أنّ المراد من "البيّنة" نفس القرآن الذي يبيّن حقائق الكتب السماوية السابقة على مستوى أعلى، فالآية تقول: لماذا يطلب هؤلاء معجزة، ويتذرّعون بالأعذار الواهية؟ أليس هذا القرآن مع هذه الإمتيازات الكبيرة التي تحتوي على حقائق الكتب السماوية السابقة كافياً لهؤلاء؟
وقد ذكر تفسير آخر لهذه الآية، وهو: إنّ الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) - مع أنّه لم يكن قد درس وتعلّم - فقد جاء بكتاب واضح جلي ينسجم مع ما كان في متون الكتب السماوية، وهذا بنفسه دليل على الإعجاز.
إضافةً إلى أنّ صفات النّبي وصفات كتابه تنطبق تماماً على العلامات التي جاءت في الكتب السماوية السابقة، وهذا دليل أحقّيته(1).
﴿وَقَالُوا لَوْلَا﴾ هلا ﴿يَأْتِينَا﴾ محمد ﴿بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ مقترحة لم يعتدوا بما أتى به من الآيات ﴿أَوَلَمْ تَأْتِهِم﴾ بالياء والتاء ﴿بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ بيان ما في سائر الكتب المنزلة يعني القرآن لتضمنه أصول ما فيها من العقائد والأحكام.