لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
سبب النّزول جاء في تفسير علي بن إبراهيم(1) أنّه بعد نزول آيات الربا جاء "خالد بن الوليد" إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: كانت لأبي معاملات ربوية مع بني ثقيف، فمات ولم يتسلّم دَينه، وقد أوصاني أن أقبض بعض الفوائد التي لم تدفع بعد. فهل يجوز لي ذلك؟ فنزلت الآيات المذكورة تنهي الناس عن ذلك نهياً شديداً. وفي رواية أُخرى أنّه بعد نزول هذه الآية قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): "ألا كلّ ربا من ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العبّاس بن عبدالمطّلب"(2). يتضح من هذا أنّ رسول الله (ص) في حملته لإلغاء الديون الربوية في الجاهلية قد بدأ بأقربائه أوّلاً. وإذا كان بينهم أشخاص أثرياء مثل العبّاس ممّن كانوا مثل غيرهم يتعاطون الربا في الجاهلية، فقد ألغى رسول الله (ص) أوّلاًـ ربا هؤلاء. وجاء في الروايات أن النبي (ص) بعد نزول هذه الآيات امر أمير مكّة بأنه لو استمر آل المغيرة الذين كانوا معروفين بالربا في عملهم فليقاتلهم(3). التّفسير في الآية الأُولى يخاطب الله المؤمنين ويأمرهم بالتقوى ثمّ يأمرهم أن يتنازعوا عمّا بقي لهم في ذمّة الناس من فوائد ربوية. يلاحظ أنّ الآية بدأت بذكر الإيمان بالله واختتمت بذكره، ممّا يدلّ بوضوح على عدم انسجام الربا مع الإيمان بالله. (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله). تتغيّر في هذه الآية لهجة السياق القرآني، فبعد أن كانت الآيات السابقة تنصح وتعظ، تهاجم هذه الآية المرابين بكلّ شدة، وتنذرهم بلهجة صارمة أنّهم إذا واصلوا عملهم الربوي ولم يستسلموا لأوامر الله في الحقّ والعدل واستمرّوا في امتصاص دماء الكادحين المحرومين فلا يسع رسول الله (ص) إلاَّ أن يتوسّل بالقوّة لاَيقافهم عند حدّهم وإخضاعهم للحق، وهذا بمثابة إعلان الحرب عليهم. وهي الحرب التي تنطلق من قانون: (قاتلوا التي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله)(4). لذلك عندما سمع الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ مرابياً يتعاطى الربا بكلّ صراحة ويستهزيء بحرمته هدّده بالقتل. ويستفاد من هذا الحديث أن حكم القتل إنّما هو لمنكر تحريم الربا. (فاذنوا)من مادة "اذن" وكلما كانت متعدية بالأمر بالمعنى هو السماح وإذا تعدت بالياء فتعني العلم فعلى هذا يكون قوله (فاذنوا بحرب من الله)(5) يعني أعلموا أن الله ورسوله سيحاربوكم وهذا في الحقيقة بمثابة إعلان الحرب على هذه الفئة، فعلى هذا ليس من الصحيح ما ذهب إليه البعض في معنى هذه الآية بأنه "اسمحوا بإعلان الحرب من الله". عن أبي بكير قال: بلغ أبا عبدالله الصادق (عليه السلام) عن رجل أنّه كان يأكل الربا ويسمّيه اللبا. فقال: لئن أمكنني الله منه لأَضربنّ عنقه(6). يتّضح من هذا أنّ هذا الحكم يخصّ الذين ينكرون تحريم الربا في الإسلام. على كلّ حال يستفاد من هذه الآية أنّ للحكومة الإسلامية أن تتوسّل بالقوّة لمكافحة الربا(7). (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون). أمّا إذا تبتم ورجعتم عن غيّكم وتركتم تعاطي الربا فلكم أن تتسلّموا من الناس المدينين لكم رؤوس أموالكم فقط "بغير ربح". وهذا قانون عادل تماماً، لأنّه يحول دون أن تظلموا الناس ودون أن يصيبكم ظلم. إنّ تعبير (لا تَظلِمون ولا تُظلَمون) وإن كان قد جاء بشأن المرابين، ولكنّه في الحقيقة شعار إسلامي واسع وعميق، يعني أنّ المسلمين بقدر ما يجب عليهم تجنّب الظلم، يجب عليهم كذلك أن لا يستسلموا للظلم. وفي الحقيقة لو قلّ الذين يتحمّلون الظلم لقلّ الظالمون أيضاً، ولو أنّ المسلمين أعدّوا العدّة الكافية للدفاع عن حقوقهم لما تمكّن أحد أن يعتدي على تلك الحقوق ويظلمهم. فقبل أن نقول الظالم: لاتظلم، علينا أن نقول المظلوم: لا تستسلم للظلم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ﴾ اتركوا ﴿مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا﴾ البقايا الذي اشترطتم على الناس وهي الربا قيل كان لثقيف مال على بعض قريش فطالبوهم عند المحل بالمال والربا فنزلت ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ إن صح إيمانكم.