ثمّ تطرّقت الآية التالية إلى جواب الإشكال الأوّل - خاصةً - حول كون النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشراً، فتقول: إنّك لست الوحيد في كونك نبيّاً، وفي نفس الوقت أنت بشر (وما أرسلنا قبلك إلاّ رجالا نوحي إليهم) فإنّ هذه حقيقة تاريخيّة يعرفها الجميع (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
من هم أهل الذكر؟
لا شكّ أنّ (أهل الذكر) تشمل من الناحية اللغوية كلّ العلماء والمطّلعين، والآية أعلاه تبيّن قانوناً عقلائيّاً عامّاً في مسألة (رجوع الجاهل إلى العالم) فإنّ مورد ومصداق الآية وإن كان علماء أهل الكتاب، إلاّ أنّ هذا لا يمنع من عمومية القانون.
ولهذه العلّة إستدلّ علماء وفقهاء الإسلام بهذه الآية في مسألة "جواز تقليد المجتهدين المسلمين".
وإذا رأينا في بعض الرّوايات التي وصلتنا عن أهل البيت(عليهم السلام) بأنّ (أهل الذكر) قد فسّرت بعلي (ع) أو سائر الأئمّة (عليهم السلام)، فلا يعني ذلك الحصر، بل هو بيان لأوضح مصاديق هذا القانون الكلّي.
ولزيادة الإيضاح حول هذا الموضوع، اقرأ تفسير الآية (43) من سورة النحل من هذا الكتاب.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً﴾ لا ملائكة جواب لقولهم ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ ﴿نُّوحِي إِلَيْهِمْ﴾ بالياء والنون ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ أهل الكتاب لوثوقكم به أو أهل القرآن، وعنهم (عليهم السلام) نحن أهل الذكر والذكر الرسول ﴿إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ذلك فإنهم يعلمونه.