ثمّ تعطي الآية التالية توضيحاً أكثر حول كون الأنبياء بشراً، فتقول: (وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين).
وجملة (لا يأكلون الطعام)إشارة إلى ما جاء في موضع آخر من القرآن في نفس هذا الموضوع: (وقالوا ما لهذا الرّسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق).(1)
وجملة (ما كانوا خالدين) أيضاً تكملة لنفس هذا المعنى، لأنّ المشركين كانوا يقولون: كان من الأفضل أن يُرسل ملك مكان البشر، ملك له الخلود، ولا تمتدّ إليه يد الموت! فأجابهم القرآن بأنّ أيّاً من الأنبياء السابقين لم يُكتب له الخلود حتّى يُكتب لرسول الله (محمّد) الخلود و "البقاء في هذه الدنيا".
على كلّ حال، فلا شكّ - كما قلنا ذلك مراراً - في أنّه يجب أن يكون قائد البشر ومرشدهم من جنسهم، بنفس تلك الغرائز والعواطف والأحاسيس والحاجات والعلاقات حتّى يحسّ بآلامهم وعذابهم، ولينتخب أفضل طرق العلاج باستلهامه من معلوماته ليكون قدوة واُسوة لكلّ البشر، ويقيم الحجّة على الجميع.
﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ﴾ أي الرجال ﴿جَسَدًا﴾ أجسادا على إرادة الجنس ﴿لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ بل جعلناهم أجسادا يأكلونه ﴿وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ بل يموتون فهم أبشار مثلك لخلوهم من خاصتي الملائكة عدم الطعم والخلود على اعتقادهم.