ثمّ تحذّر الآية وتهدّد المنكرين المتعصّبين العنودين، فتقول: إنّا كنّا قد وعدنا رسلنا بل ننقذهم من قبضة الأعداء، ونبطل كيد اُولئك الأشرار (ثمّ صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين).
أجل، فكما أنّ سنّتنا كانت إختيار قادة البشر من بين أفراد البشر، كذلك كانت سنّتنا أن نحميهم من مكائد المخالفين، وإذا لم تؤثّر المواعظ والنصائح المتلاحقة أثرها في المخالفين، فإنّنا سنطهّر الأرض من وجودهم القذر.
ومن المعلوم أنّ المراد من "ومن نشاء": الإرادة التي تدور حول معيار الإيمان والعمل الصالح، كما أنّ من الواضح أيضاً أنّ المراد من "المسرفين" هنا هم الذين أسرفوا في حقّ أنفسهم ومجتمعهم الذي يعيشون فيه عن طريق إنكار الآيات الإلهيّة وتكذيب الأنبياء، ولهذا نرى القرآن في موضع آخر يقول: (كذلك حقّاً علينا ننجي المؤمنين).(2)
﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ﴾ بالإنجاء والنصر ﴿فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء﴾ ممن آمن بهم ﴿وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾ المكذبين لهم.