إلاّ أنّه يقال لهؤلاء من باب التوبيخ والتقريع: (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تُسألون).
إنّ هذه العبارة قد تكون إشارة إلى أنّ هؤلاء حينما كانوا غارقين في تلك النعمة الوفيرة، كان السائلون وطالبو الحاجات يتردّدون دائماً إلى أبوابهم، يأتون والأمل يقدمهم، ويرجعون بالخيبة والحرمان، فالآية تقول لهم: إرجعوا وأعيدوا ذلك المشهد اللعين.
وهذا في الحقيقة نوع من الإستهزاء والملامة.
وإحتمل بعض المفسّرين أن تكون جملة (لعلّكم تُسألون) إشارة إلى قدرة وثروة هؤلاء في الدنيا، حيث كانوا يجلسون في زاوية وعلائم الاُبّهة والكبرياء بادية عليهم، وكان الخدم يأتون إليهم ويحضرون عندهم بصورة متوالية ويسألون إن كان لديهم أمر أو عمل يقومون به.
أمّا من هو قائل هذا الكلام؟ فلم تُصرّح الآية به، فمن الممكن أن يكون نداء بواسطة ملائكة الله، أو أنبيائه ورسله، أو نداء صادر من داخل ضميرهم الخفي ووجدانهم.
في الحقيقة إنّه نداء إلهي يقول لهؤلاء: لا تفرّوا وارجعوا، وكان يصل إليهم بإحدى هذه الطرق الثلاث.
والجميل هنا أنّه قد رُكّز على المسكن خاصّة من بين كلّ النعم الماديّة، وربّما كان ذلك بسبب أنّ أوّل وسائل إستقرار الإنسان هو وجود سكن مناسب.
أو أنّ الإنسان يصرف أكثر مورد حياته في بيته، وكذلك فإنّ أشدّ تعلّقه إنّما يكون بمسكنه.
﴿لا لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ﴾ نعمتم ﴿فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ عن أعمالكم أو يسألكم الناس شيئا من دنياكم.