ممّا يلفت النظر أنّ العقوبة الإلهيّة لا يعيّن وقتها دائماً (بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها) وحتّى إذا استمهلوا، وطلبوا التأخير على خلاف ما كانوا يستعجلون به إلى الآن، فلا يجابون (ولا هم ينظرون).
ملاحظتان
1 - بملاحظة الآيات آنفك الذكر يُثار هذا السؤال، وهو: إذا كان الإنسان عجولا بطبيعته، فلماذا ينهى الله - سبحانه عن العجلة ويقول: (فلا تستعجلون)؟ أليس هذا تناقضاً بين الإثنين؟
ونقول في الجواب: إنّنا إذا لاحظنا أصل إختيار وحرية إرادة الإنسان، وكون صفاته ومعنوياته وخصائصه الأخلاقيّة قابلة للتغيير، فسيتّضح أن لا تضادّ في الأمر، حيث يمكن تغيير هذه الحالة بالتربية وتزكية النفس.
2 - جملة (بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم) قد تشير إلى أنّ عذاب القيامة وعقوباتها تختلف جميعها عن عذاب الدنيا، فنقرأ مثلا حول النّار: (نار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة)(3)، أو نقرأ في شأن وقود النّار: (وقودها الناس والحجارة)(4).
ومثل هذه التعبيرات توحي بأنّ نار جهنّم تأتي على حين غفلة فتُبهت الناس.
﴿بَلْ تَأْتِيهِم﴾ القيامة أو النار ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿فَتَبْهَتُهُمْ﴾ فتحيرهم أو تغلبهم ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا﴾ عنهم ﴿وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ﴾ لا يمهلون بعد إمهالهم في الدنيا.