وتقول الآية التالية: قل لهم إنّ أحداً لا يدافع عنكم أمام عذاب الله في القيامة، بل وفي هذه الدنيا: (قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن) أي من عذابه، فلو أنّ الله سبحانه لم يجعل السّماء - أي الجوّ المحيط بالأرض سقفاً محفوظاً كما مرّ في الآيات السابقة - لكان هذا وحده كافياً أن تتهاوى النيازك وتُمطركم الأجرام السماوية بأحجارها ليل نهار.
إنّ الله الرحمن قد أولاكم من محبّته أن جعل جنوداً متعدّدين لحفظكم وحراستكم، بحيث لو غفلوا عنكم لحظة واحدة لصبّ عليكم سيل البلاء.
ممّا يستحقّ الإنتباه أنّ كلمة "الرحمن" قد إستعملت مكان (الله) في هذه الآية، أي انظروا إلى أنفسكم كم إقترفتم من الذنوب حتّى أغضبتم الله الذي هو مصدر الرحمة العامّة؟!
ثمّ تضيف: (بل هم عن ذكر ربّهم معرضون) فلا هم يصغون إلى مواعظ الأنبياء ونصحهم، ولا تهزّ قلوبهم نعم الله وذكره، ولا يستعملون عقولهم لحظة في هذا السبيل.
﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم﴾ يحفظكم ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ من بأسه ﴿بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم﴾ أي القرآن أو المواعظ ﴿مُّعْرِضُونَ﴾ لا يلتفتون إليه فضلا عن أن يخافوا بأسه.