في لحظة سريعة إستيقظوا من هذا النوم العميق ورجعوا إلى فطرتهم ووجدانهم، كما يقول القرآن: (فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظالمون)(4) فقد ظلمتم أنفسكم ومجتمعكم الذي تنتمون إليه، وكذلك ساحة الله واهب النعم المقدّسة.
والطريف في الأمر أنّنا قرأنا في الآيات السابقة أنّهم اتّهموا إبراهيم بكونه ظالماً، وهنا قبلوا وإعترفوا في أنفسهم بأنّ الظالم الأصلي والحقيقي هو أنفسهم.
وفي الواقع فإنّ كلّ مراد إبراهيم من تحطيم الأصنام تحطيم فكر الوثنية وروح الصنمية، لا تحطيم الأصنام ذاتها، إذ لا جدوى من تحطيمها إذا صنع الوثنيّون العنودون أصناماً أكبر منها وجعلوها مكانها، وتوجد أمثلة كثيرة لهذه المسألة في تأريخ الأقوام الجاهلين المتعصّبين.
إلى الآن إستطاع إبراهيم أن يجتاز بنجاح مرحلة حسّاسة جداً من طريق تبليغه الرسالة، وهي إيقاظ الضمائر عن طريق إيجاد موجة نفسيّة هائجة.
ولكن للأسف، فإنّ صدأ الجهل والتعصّب والتقليد الأعمى كان أكبر من أن يُصقل ويُمحى تماماً بنداء بطل التوحيد.
﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ﴾ إلى عقولهم ﴿فَقَالُوا﴾ أي بعضهم لبعض ﴿إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ﴾ بعبادة ما لا ينطق أو بسؤال إبراهيم.