وهنا فُتح أمام إبراهيم الميدان والمجال للإستدلال المنطقي ليوجّه لهم أشدّ هجماته، وليرمي عقولهم بوابل من التوبيخ واللوم المنطقي الواعي: (قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم)؟ فماذا تنفع هذه الآلهة المزعومة الخياليّة التي لا قدرة لها على الكلام، وليس لها شعور وإدراك، ولا تقدر أن تدافع عن نفسها، ولا تستطيع أن تحمي عبّادها، ولا يصدر عنها أي عمل؟
إنّ عبادة معبود ما إنّما يكون لأهليّته للعبادة، ومثل هذا الأمر لا معنى له في شأن الأصنام الميتة، أو يعبد رجاء فائدة ونفع تعود عليهم من قبله، أو الخوف من خسارتهم، إلاّ أنّ إقدامي على تحطيم الأصنام أوضح أنّها لا تملك أدنى حركة، ومع هذا الحال ألا يعتبر عملكم هذا حمقاً وجهالة؟!
﴿قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي بدله ﴿مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا﴾ إن عبدتموه ﴿وَلَا يَضُرُّكُمْ﴾ إن تركتموه.