التّفسير
أيّوب ونجاته من المصاعب:
تتحدّث الآيتان عن نبي آخر من أنبياء الله العظماء وقصّته المُلهمة، وهو "أيّوب" وهو عاشر نبي اُشير إلى جانب من حياته في سورة الأنبياء.
إنّ لأيّوب قصّة حزينة، وهي في نفس الوقت عظيمة سامية، فقد كان صبره وتحمّله عجيبين، خاصّةً أمام الحوادث المرّة، بحيث أنّ صبر أيّوب أصبح مضرباً للمثل منذ القدم.
غير أنّ هاتين الآيتين تشيران - بصورة خاصّة - إلى مرحلة نجاته وإنتصاره على المصاعب، وإستعادة ما فقده من المواهب، ليكون درساً لكلّ المؤمنين على مرّ الدهور ليغوصوا في المشاكل ويخترقوها، ولا سيّما لمؤمني مكّة الذين كانوا يُعانون ضغوطاً من أعدائهم عند نزول هذه الآيات، فتقول: (وأيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الضرّ وأنت أرحم الراحمين).
وكلمة "الضرّ".
تطلق على كلّ سوء وأذى يصيب روح الإنسان أو جسمه، وكذلك لنقص عضو، وذهاب مال، وموت الأعزّة وإنهيار الشخصيّة وأمثال ذلك، وكما سنقول فيما بعد، فإنّ أيّوب قد إبتلي بكثير من هذه المصائب.
إنّ أيّوب - كسائر الأنبياء - يُظهر أقصى حالات الأدب والخضوع أمام الله عند الدعاء لرفع هذه المشاكل المضنية المجهدة، ولا يعبّر بتعبير تُشمّ منه رائحة الشكوى، بل يقول فقط: إنّي ابتليت بهذه المصائب وأنت أرحم الراحمين، فهو حتّى لا يقول: حلّ مشكلتي، لأنّه يعلم أنّه جليل عظيم، وهو يعرف حقّ العظمة.
﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ لما ابتلي بالضر والمرض ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ الجهد والشدة ﴿وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.