التّفسير
صفات المؤمنين البارزة:
إختيار اسم المؤمنين لهذه السورة - كما تقدّم - لأنّه جاء في بدايتها آيات شرحت بعبارات وجيزة معبّرة صفات المؤمنين، وممّا يلفت النظر أنّها أشارت إلى مستقبل المؤمنين السعيد قبل بيان صفاتهم، إستنارةً للشوق في قلوب المسلمين للوصول إلى هذا الفخر العظيم بإكتساب صفة المؤمنين.
تقول الآية (قد أفلح المؤمنون).
كلمة "أفلح" مشتقّة من الفلح والفلاح، وتعني في الأصل الحرث والشقّ، ثمّ أُطلقت على أي نوع من النصر والوصول إلى الهدف والسعادة بشكل عام، والحقيقة أنّ المنتصرين يزيلون من طريقهم كلّ الموانع والحواجز لينالوا الفلاح والسعادة، ويشقّون طريقهم لتحقيق أهدافهم في الحياة.
ولكلمة الفلاح معنىً واسعاً بضمّ الفلاح المادّي والمعنوي، ويكون الإثنان للمؤمنين.
فالفلاح الدنيوي أن يحيا الإنسان حرّاً مرفوع الرأس عزيز النفس غير محتاج، ولا يمكن تحقيق كلّ ذلك إلاّ في ظلال الإيمان والتمسّك بالله وبرحمته.
أمّا فلاح الآخرة فهو الحياة في نعيم خالد إلى جانب أصدقاء جديرين طاهرين، حياة العزّ والرفعة.
ويلخّص الراغب الاصفهاني خلال شرحه هذه المفردة بأنّ الفلاح الدنيوي في ثلاثة أشياء: البقاء والغنى والعزّ، وأمّا الفلاح الاُخروي ففي أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغناء بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وعلم بلا جهل.
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فازوا بما طلبوا وقد للتحقيق وإثبات الموقع وتقريب الماضي من الحال.