سبب النّزول
ذكر عدد من المفسّرين من الشيعة والسنّة روايات في سبب نزول أوّل آية من الآيات السالفة الذكر نلخّصها بتركيز: "نزل إلى ساحة الحرب يوم معركة بدر ثلاثة من المسلمين هم (علي (ع) وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطّلب)، فقتلوا بحسب ترتيبهم "الوليد بن عتبة" و "عتبة بن ربيعة" و "شيبة بن ربيعة"
فنزلت هذه الآية لتبيّن مصير الذين اشتركوا في هذه المبارزة.
كما روي أنّ أبا ذر أقسم بأنّ هذه الآية نزلت بحقّ هؤلاء الرجال(1)، إلاّ أنّنا نكرّر قولنا ثانيةً بأنّ سبب النّزول الخاصّ بشخص أو جماعة معيّنة لا يمنع أن يكون مضمون الآية عامّاً يشمل الجميع.
التّفسير
خصمان متقابلان!
أشارت الآية السابقة إلى المؤمنين وطوائف مختلفة من الكفّار، وحدّدتهم بستّ فئات.
أمّا هنا فتقول: (هذان خصمان اختصموا في ربّهم)(2) أي أنّ الخصام بين مجموعتين، هما: طوائف الكفّار الخمس من جهة، والمؤمنون الحقيقيّون من جهة أُخرى.
وإذا تفحّصنا الأمر وجدنا أساس الخلاف بين الأديان في ذات الله تعالى وصفاته، وهو يمتدّ إلى الخلاف في النبوّة والمعاد.
لهذا لا ضرورة إلى القول بأنّ الناس مختلفين في دين الله.
إذ أنّ أساس الخلاف وجذوره يعود إلى الخلاف في توحيده تعالى فقط.
فجميع الأديان قد حرّفت، والباطل منها قد إختلط بنوع من الشرك، وبدت دلائله في جميع إعتقادات أصحاب هذه الأديان.
ثمّ تبيّن الآية أربعة أنواع من عقاب الكافرين المنكرين لله تعالى بوعي منهم، والعقاب الأوّل حول لباسهم، فتقول الآية: (فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار)ويمكن أن تكون هذه العبارة إشارة إلى لباسهم الذي اُعدّ لهم من قطع من نار، أو كناية عن إحاطة نار جهنّم بهم من كلّ جانب.
﴿هَذَانِ﴾ الجمعان من المؤمنين والكفار أهل الملل الخمس ﴿خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا﴾ جمع نظر إلى المعنى ﴿فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في دينه قيل نظر في ستة تبارزوا ببدر علي وحمزة وعبيدة من المسلمين وعتبة وشيبة والوليد من المشركين وقيل في المسلمين واليهود حين قال كل منهما نحن أحق إن الله يفصل بينهم بقوله ﴿قُطِّعَتْ لَهُمْ﴾ قدرت على تقاديرهم ﴿ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ﴾ نيران تشملهم كالثياب ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ الماء المغلي قيل لو تقطعت منه قطعة على الجبال لأذابتها.