وتشير الآية التالية إلى نموذج آخر من تسخير الله تعالى الوجود للإنسان (ألم تر أنّ الله سخّر لكم ما في الأرض) وجعل تحت إختياركم جميع المواهب والإمكانات فيها لتستفيدوا منها بأي صورة تريدون، وكذلك جعل السفن والبواخر التي تتحرّك وتمخر عباب البحار بأمره نحو مقاصدها.
(الفلك تجري في البحر بأمره) إضافةً إلى (ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه) فالكواكب والنجوم تسير في مدارات محدّدة بأمر الله سبحانه وتعالى، كلّ ذلك لتسير في فاصلة محدّدة لها عن الكواكب الاُخرى، وتمنع إصطدام بعضها ببعض.
وخلق الله طبقات جويّة حول الأرض لتحول دون وصول الأحجار السائبة في الفضاء إلى الأرض وإلحاق الضرر بالبشر.
وذلك من رحمة الله لعباده ولطفه بهم، فقد خلق الأرض آمنة لعباده، فلا تصل إليهم الأحجار السائبة في الفضاء، ولا تصطدم الأجرام الاُخرى بالأرض.
وهذا ما نلمسه في ختام الآية المباركة (إنّ الله بالناس لرؤوف رحيم).
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ﴾ من البهائم وغيرها ذللها لمنافعكم ﴿وَالْفُلْكَ﴾ عطف على ما ﴿تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾ حال منها ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن﴾ من أن أو كراهة أن ﴿تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ﴾ بأن طبعها على الاستمساك ﴿إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ بمشيئته ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ حيث فعل بهم ما فيه منافع الدارين.