بقوله تعالى: (ألم تعلم أنّ الله يعلم ما في السموات والأرض) و (إنّ ذلك في كتاب).
أجل، إنّ جميع ذلك قد ثبت في كتاب علم الله الذي لا حدود له، كتاب عالم الوجود وعالم العلّة والمعلول، عالم لا يضيع فيه شيء، فهو في تغيير دائم، حتّى لو خرجت أمواج صوت ضعيف من حنجرة إنسان قبل ألفي عام فانّها لا تنعدم، بل تبقى في هذا الكتاب الجامع لكلّ شيء بدقّة.
أي إنّ كلّ ما يجري في هذا الكون مسجّل في لوح محفوظ هو لوح العلم الإلهي، وكلّ هذه الموجودات حاضرة بين يدي الله سبحانه بجميع صفاتها وخصائصها.
وهذا من معاني القدرة الإلهيّة التي نلمسها في قوله تعالى: (إنّ ذلك على الله يسير).
1- بحثنا في تفسير الآية (103) من سورة الأنعام حول لطف الله. فعلى الراغب مراجعته.
2- يرى بعض المفسّرين أنّ هذه الآيات تشير إلى ردّ لما أثاره المشركون من إعتراض قائلين: لماذا لا تأكلون الميتة التي قتلها الله، في وقت تأكلون فيه الميتة التي قتلتموها أنتم؟! فنزلت هذه الآيات لتردّ عليهم.
إلاّ أنّه يستبعد أن تتضمّن هذه الآيات ذلك. لأنّ أكل الميتة لم تسمح به شريعة - في الظاهر - لما فيه من ضرر، حتّى يأتي القرآن ليؤيّد ذلك ويقول: لكلّ شريعة تعاليمها.
﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ﴾ ومنه أمر هؤلاء ﴿إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ﴾ هو اللوح المحفوظ ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ العلم به وكتبه في اللوح ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ لاستواء نسبة ذاته إلى المعلومات والمقدورات.