التّفسير
معبودات أضعف من ذبابة!
تابعت هذه الآيات الأبحاث السابقة عن التوحيد والشرك، فتحدّثت ثانية عن المشركين وأفعالهم الخاطئة، فتقول الآية الأُولى: (ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً) وهذا يبيّن بطلان عقيدة الوثنيين الذين كانوايرون أنّ الله سمح لهم بعبادة الأوثان وأنّها تشفع لهم عند الله.
وتضيف الآية (وما ليس لهم به علم)أي يعبدون عبادةً لا يملكون دليلا على صحّتها لا من طريق الوحي الإلهي، ولا من طريق الإستدلال العقلي، ومن لا يعمل بدليل يظلم نفسه وغيره، ولا أحد يدافع عنه يوم الحساب، لهذا تقول الآية في ختامها: (وما للظالمين من نصير).
قال بعض المفسّرين: إنّ النصير هنا الدليل والبرهان، لأنّ المعيّن الحقيقي هو الدليل ذاته(1).
كما يحتمل أن يكون النصير مرشداً ومكمّلا للبحث السابق، أي إنّ المشركين لا يدعمهم دليل إلهي ولا عقلي، وليس لهم قائد ولا مرشد ولا معلّم يهديهم ويسدّدهم للحقّ الذي فقدوا حمايته والإستنارة به، بظلمهم أنفسهم، ولا خلاف بين هذه التفاسير الثلاثة التي يبدو أنّ أوّلها أكثر وضوحاً من غيره.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ حجة على صحة عبادته ﴿وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ﴾ بالشرك ﴿مِن نَّصِيرٍ﴾ يمنعهم من العذاب.